سبحانه : ( إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ ) ( الطور / ٢٨ ).
قد ذكر ابن فارس « للبَر » مثلثاً اُصولاً أربعة : الصدق ، وحكاية صوت ، وخلاف البحر ، ونبت.
أمّا الصدق مثل قوله : صدق فلان وبرّ ، وبرّت يمينه أي صدقت ، وأبّرها أمضاها على الصدق.
وأمّا حكاية الصوت فالعرب تقول : لا يعرف هِراً من برّ ، فالهر دعاء الغنم ، والبرّ الصوت بها إذا سقيت.
وأمّا خلاف البحر مثل قوله سبحانه : ( ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ) ( الروم / ٤١ ).
وأمّا النبت فمنه البُرّ وهِيَ الحِنْطَةُ ، الواحدة : بُرّة.
ثمَّ إنّه رتّب على المعنى الأوّل قولهم : يبرّ ذا قرابته ، وقال : وأصله الصدق يقال : رجل برّ وبارّ وبررت والديّ.
وعلى هذا فالبرّ هو الصادق واُطلق على المحسن لأنّه صادق في حبّه ، وقد وصف به سبحانه في القرآن كما وصف به يحيى والمسيح قال سبحانه واصفاً ليحيى : ( وَحَنَانًا مِّن لَّدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا * وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّارًا عَصِيًّا ) ( مريم / ١٣ و ١٤ ) وحكى عن المسيح وقال : ( وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا * وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا ) ( مريم / ٣١ و ٣٢ ).
هذا ما يستفاد من كلام الخبير ابن فارس غير أنّ الراغب في مفرداته جعل الأصل هو خلاف البحر فاشتقّ منه سائر المعاني فقال : البرّ خلاف البحر وتصوّر منه التوسّع فاشتقّ منه البرّ أي التوسع في فعل الخير (١) وينسب ذلك إلى الله تعالى
__________________
(١) ولعلّه لأجل انّ البَرّ مركز الخير عند العرب ، والبحر محل الشرّ.