عالم بل معناه ما قدّمناه من كونه مدركاً وهذه الصفة صفة كلّّ حيّ لا آفة به » (١).
وبذلك يعلم أنّ قوله « أسمع وأرى » يفيد معنيين متغايرين فقوله « أسمع » إشارة إلى حضور المسموعات وقوله « أرى » إشارة إلى حضور المبصرات عنده.
وثانيا : إنّ تفسير « السميع » و « العليم » بالعالم لا يستلزم تفسير القادر به لما عرفت من أنّ حضور المبصرات والمسموعات لدى العالم نوع معرفة له لكن معرفة جزئيّة مشخّصة لا معرفة كلّّية ، وأمّا القدرة فلا صلة له بالعلم ، فالسمع والبصر من أدوات المعرفة والعلم دون القدرة.
وثالثا : إنّ الوحدة المصداقية ، لا تلازم الوحدة المفهوميّة فكم فرق بين القول بأنّ واقع كونه بصيراً وسميعاً ، هو علمه بالمبصرات والمسموعات ، لا بشيء آخر ، والقول بأنّ مفهومهما هو نفس مفهوم العلم وانّ الموضوع في الكلّ واحد والمدّعىٰ هو الأوّل ، وما ذكر من الاشكال إنّما يترتّب على الثاني ، وعلى ذلك فلا يلزم من القول بأنّهما من شعب علمه تفسير قوله سبحانه : ( إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَىٰ ) : « اعلم واعلم ».
وكم للشيخ الاشعري من هذه التخليطات.
نعم الأشعري وإمام الحنابلة ومن لفّ لفّهما غير الراسخين في تنزيهه سبحانه عن الجسم والجسمانيات ربّما يروق لهم اثبات أجهزة كالعين والسمع له سبحانه ولكن لا يتظاهرون بذلك بل يتظاهرون بالتنزيه باضافة « بلا كيف » ، وقد عرفت أنّ هذه اللفظة لا تفيد شيئاً في مقام التنزيه.
__________________
(١) التوحيد للصدوق : ص ١٩٧.