قال الأشعري : « ونثبت لله السمع والبصر ولا ننفي ذلك كما نفته المعتزلة والجهميّة والخوارج » (١).
وقال في موضع آخر : « وزعمت المعتزلة أنّ قول الله عزّ وجلّ ( وَأَنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ) ( الحج / ٦١ ). معناه عليم. ثم أجاب بأنّه إذا قال عزّ وجلّ : ( إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَىٰ ) ( طه / ٤٦ ) وقال : ( قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا ) ( المجادلة / ١ ) فهل معنى ذلك عندكم « علم » فإن قالوا نعم ، قيل لهم : فقد وجب عليكم أن تقولوا معنى قوله أسمع وأرى : أعلم وأعلم إذ كان معنى ذلك العلم. ثم قال : إذا كان معنى سميع وبصير هو أنّه عالم فيلزم أن يكون معنى قادر هو عالم ـ إلى آخر ما ذكره ـ (٢).
يلاحظ عليه :
أوّلا : انّه لو قيل بأنّ كونه « سميعاً » و « بصيراً » من شعب علمه بالكلّيّات فلا شك أنّه خاطئ في رأيه لأنّ السمع والبصر من أدوات المعرفة الجزئيّة والسميع والبصير من يعرف المسموعات والمبصرات عرفاناً شخصياً جزئياً ، وأمّا لو قيل بأنّه من شعب علمه بالجزئيات الذي يعبّر عنه بالعرفان والمعرفة فلا يرد عليه ما ذكره الشيخ أبو الحسن من إنكار كونه سميعاً وبصيراً وما نسب إلى المعتزلة من أنّهم ينفون أن يكون لله السمع والبصر غير صحيح فانّهم يثبتان لله سبحانه هذين الأمرين لكن بالتطور الذي قد عرفته ، وسيجيء نظيره في الحياة ، فالله سبحانه « سميع » بالحقيقة « بصير » واقعا والمسموعات والمبصرات مشهودة له لكن بلا حاجة إلى الحسّ وإعماله.
قال الصدوق : « وليس وصفنا له تبارك وتعالى بأنّه سميع بصير ، وصفاً بأنّه
__________________
(١) الابانة : ص ١٩.
(٢) الابانة : ص ١١٧ و ١١٨.