يدخل الجنة ، وقوله « لا تزال جهنّم يلقى فيها وتقول هل من مزيد حتى يضع رب العزّة فيها قدمه ينزوي بعضها إلى بعض ، وتقول : « قط قط » وهذه الأحاديث متّفق عليها ؟ ) (١).
نحن نسأل « ابن تيميّة » ومن لفّ لفّه : فهل يأخذ بظواهر هذه الأحاديث التي لو وردت في حقّ غيره سبحانه لقطعنا بكونه جسماً ، كالإنسان له أعضاؤه ، أو يحملها على غيرها ، فعلى الأوّل يقع في مغبّة التشبيه ، وعلى الثاني يقع في عداد المؤوّلين وهو يتبرّأ منهم.
والأخذ بظواهرها لكن بقيد « بلاتكييف » و « لا تشبيه » ـ مضافاً إلى أنّه لم يرد في النصوص ـ ما يوجب صيرورة الصفات مجملة غير مفهومة ، فإنّ واقعيّة النزول والضحك ووضع القدم ، إنّما هي بكيفيتها الخارجيّة ، فحذفها يعادل عدمها. فما معنى الإعتقاد بشيء يصير في نهاية المطاف أمراً مجملاً ولغزاً غير مفهوم ؟ فهل يجتمع هذا مع بساطة العقيدة وسهولة التكليف التي تتبنّاها السلفيّة في كتبهم ؟
فلو صحّ تصحيح هذه الأحاديث والصفات الجسمانية بإضافة قولهم « بلا تمثيل » فليصحّ حمل كلّ وصف جسماني عليه باضافة هذا القيد بأن يقال : الله سبحانه جسم لا كهذه الأجسام ، له صدر وقلب لا كمثل هذه الصدور والقلوب ، إلى غير ذلك مما ينتهي الإعتقاد به إلى نفي الإله الواجب الجامع لصفات الجمال والجلال.
إنّ إقصاء العقل عن ساحة العقائد وتفسير القرآن والحديث ، لا ينتج إلاّ إجلاسه سبحانه على عرشه فوق السماوات ، يقول « ابن قتيبة » ـ المدافع عن الحشوية وأهل الحديث ـ في تفسير قوله : ( وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ ) يستوحشون أن يجعلوا لله كرسيّاً أو سريراً ويجعلون العرش شيئاً آخر ، والعرب لا تعرف العرش إلاّ السرير ، وما عرش من السقوف والابار. يقول الله ( وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ ) أي على السرير.
__________________
(١) نفس المصدر ٣٩٨ ـ ٣٩٩.