عليها من الشرائع والعبر والمواعظ (١).
٥ ـ الحكيم بمعنى العالم. ذهب إليه الجوهري ، قال الحكم والحكمة من العلم ، والحكيم : العالم ، والحكم : العلم والفقه. قال الله تعالى : ( وَآتَيْنَاهُ الحُكْمَ صَبِيًّا ) أي علما وفقهاً ، وفي الحديث : إنّ من الشعر لحكمة أي أنّ في الشعر كلاماً نافعاً يمنع من الجهل والسفه وينهى عنه (٢).
يلاحظ عليه : أنّه لو صحّ تفسير الحكيم بالعليم فإنّما هو في ما إذا كان مجرّداً عن العليم مع أنّه استعمل في الذكر الحكيم منضمّاً إليه. قال سبحانه : ( قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الحَكِيمُ ).
وقال الصدوق : معناه انّه عالم والحكمة في اللغة العلم ، ومنه قوله عزّ وجلّ ( يُؤْتِي الحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ ) ومعنى ثان أنّه محكم وأفعاله محكمة متقنة من الفساد ، وقد حكمته وأحكمته لغتان ، وحكمة اللجام سمّيت بذلك لأنّها تمنعه من الجهل الشديد وهي ما أحاطت بحنكِه (٣).
والظاهر أنّ الحكيم أخذ من الحكم بمعنى المنع فلو اُطلق على العلم فلأنّه يمنع الجهل ، ولكنّه إذا وصفت به الأفعال يكون المراد منه كونها محكمة متقنة مصونة محفوظة عن الفساد وبما أنّه وقع في كثير من الايات تعليلاً للحكم يستظهر أنّ المراد هو المتقن فعله ، مثلاً إنّ الملائكة تعتذر عن عدم علمهم بالأسماء بقولهم : ( لا عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا ). ثمّ تعلّل قصورها عن علمها بها بقوله : ( إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الحَكِيمُ ) أي ما قمت به من تعليم آدم وعدم تعليمنا فهو ناشئ عن علمك بالواقع أو فعلك المتقن ، ومثله قوله سبحانه الذي حكم فيه بقطع يد السارق وأتمّ كلامه بقوله ( وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) وهذا الحكم صدر عن الله الغالب المتقن
__________________
(١) الميزان في تفسير القرآن : ج ١٧ ص ٦٢.
(٢) لسان العرب : ج ١٢ ، مادة « حكم » ص ١٤٠.
(٣) التوحيد للصدوق : ص ٢٠١.