القائلون بهذا القول يتمسّكون بالصدق والكذب ، فيتبدّل حسن الصدق إلى القبح إذا كان ضارّاً ، وقبح الكذب إلى الحسن إذا كان نافعاً.
ج ـ إنّ الأفعال انّما تتّصف بالحسن والقبح إذا قيست إلى الجهات الخارجية فالعدل بما أنّه سبب لبقاء النظام ، والظلم بما أنّه هادم له يوصفان بالحسن والقبح فليست الأفعال في حدّ ذاتها حسنة ولا قبيحة وإنّما توصف بهما بالنظر إلى الجهات الخارجية ، وإلى ذلك القول يرجع كل من قال بأنّ حسن العدل وقبح الظلم من القضايا المشهورة التي اتّفق العقلاء على حسن الأوّل وقبح الثاني.
د ـ التفصيل بين الحسن والقبح فالأوّل يكفي فيه نفس الذات دون الثاني ، ونسب هذا القول إلى أبي الحسين البصري وكأنّه يريد أن الحسن يستند إلى نفس الذات والقبح يرجع إلى أمر خارج عنها.
ه ـ إنّهما يتبعان للفعل بالوجوه والاعتبارات ، فليس شيء منها مستنداً إلى نفس الذات ولا يعد من الصفات اللازمة للأفعال وذلك كضرب اليتيم فإنّه حسن لو كان بنيّة التأديب ، وقبيح لو كان بنيّة الايذاء.
ولك أن ترجع مجموع أقوال القائلين بالحسن والقبح العقليين إلى اُصول ثلاثه :
أ : إنّ الحسن والقبح من الامور الذاتيّة ، فلو قلنا بأنّ نفس الفعل علّة تامّة فهو القول المختار ، وإن قلت إنّه من قبيل المقتضي فهو القول الثاني.
ب : إنّ الحسن والقبح ليسا من الامور الذاتيّة بل من الامور الاجتماعيّة والعقلائيّة ، فكل فعل وقع في اطار مصلحة الفرد والمجتمع فهو حسن ، وما وقع في خلافه فهو قبيح ، وإلى هذا القول يرجع كل من أراد اثبات الحسن والقبح للأفعال بتعليلها بالمصالح الفردية والإجتماعية.
ج ـ إنّ الحسن والقبح يتبعان نيّة الفاعل وهدفه ، فربّ فعل يصير حسناً إذا