الطبع النوعي ، لأنّ ذلك على فرض صحّته إطلاق الحسن والقبح خارج عن محل البحث.
كما يعلم بطلان القول بأنّ الحسن ما يوافق الغرض والقبيح ما يخالفه ، فإنّ ذلك أيضاً كالسابق خارج عن محلّ البحث. كما يعلم فساد تفسير الحسن بما فيه المصلحة ، والقبيح بما فيه المفسدة وإنّ ما خلا منهما ليس بحسن ولا قبيح (١).
وعلى الجملة فالمحور في حكم العقل بالحسن والقبح هو ملاحظة نفس القضية مع غضّ النظر عن كل شيء لا كونه حافظاً للنظام أو هادماً ، ولا كونه موافقاً للطبع الفرديّ ، أو النوعيّ ، ولا كونه محصّلاً للغرض وعدمه ، أو كونه متضمناً للمصلحة أو المفسدة ، فالكل انحراف عن مسير البحث وكلام زائد ملأ كتب المتكلّمين بل الاصوليين من الشيعة إلاّ القليل منهم ، ولأجل ذلك ضربنا البحث عن تحليل هذه الأقوال من شعب القول بالتحسين والتقبيح العقليين ، وأظنّ أنّ هذه الأقاويل وإن نسبت إلى القائلين بالتحسين والتقبيح العقليّين لكنّها أشبه بقول المنكرين ، فإنّه لما اتسع على الأشاعرة سبيل الانتقاد وضاق عليهم طريق الاعتذار أرادوا الدفاع عن منهجهم فعمدوا إلى تكثير معاني الحسن والقبح إلى معان ، أو تكثير ملاكاتهما والأولى للقائل بالحسن والقبح العقليين الذي يريد استكشاف حال افعال الواجب الاعراض عن هذه التفاصيل.
والحاصل أنّ هناك أفعالاً إذا تصوّرها العقل حكم بحسنها أو قبحها بمجرد الوقوف على القضيّة وحكم بمدح فاعلها أو ذمّه كائناً من كان الفاعل.
وإن شئت قلت : إنّ كل عاقل مميّز يجد من صميم ذاته حسن بعض الأفعال وقبح بعضها ، سواء كان الشخص مؤمناً أو كافراً ، معتقداً بالشرايع الإلهية أو لا ، وسواء صدر الفعل من الممكن أم من الواجب وسواء تصوّر كونه حافظاً للنظام أو لا ، وسواء تصوّر كونه ذات مصلحة أو مفسدة ، أو كونه موافقاً للطبع الفردي أو
__________________
(١) شرح التجريد للقوشجي : ص ٣٣٧.