وعلى كلّ تقدير فهذه التعاريف تنفعنا في فهم حقيقة الحياة على وجه الاجمال.
أمّا التعريف الجامع للحياة الذي يشمل جميع مراتبها من النبات إلى الإنسان فهو أن يقال : إنّ الحياة حقيقة واقعيّة أثرها هو وجود ما يشبه بالحسّ والحركة في الموجود الحيّ.
فالحركة في النبات عبارة عن أعمال الجذب والدفع والرشد والنمو ، والتوالد والتكاثر وما شابهها.
وأمّا الحسّ والشعور فهو أثر محسوس في الحيوان وثابت في بعض أصناف الأشجار حسب التجربة وهاتان الخصيصتان توجدان في الإنسان بنحو أقوى وآكد وأكمل ، فالحركة فيه تتجلّى مضافاً إلى ما في النبات والحيوان في أنّه مبدأ الأفعال وصنائع عجيبة وغريبة تحيّر العقول ، وتدهش الألباب.
كما أنّه مضافاً إلى أنّه حاسّ ذوشعور ـ يمتلك قدرة عقليّة ـ وفكراً رفيعاً يقدر به على درك رموز الخلق ، وقوانين الكون وعلى حلّ المعادلات وغير ذلك.
فعند ذلك يقف الإنسان على أنّ ما هو ملاك الحياة مع الغضّ عن أنّ لها مفهوماً خاصاً في كلّ مرتبة ـ هو كون الموجود درّاكا (١). وفعّالاً ، وهي موجودة في عامّة المراتب ، غير أنّ تلك الحقيقة تتجلّى في كلّه مرتّبة بشكل.
ففي النبات بالجذب والدفع والنمو والرشد والتوالد والتكاثر مع الحسّ النباتي الذي أثبته العلم والتجربة.
وفي الحيوان يتجلّى في الأفعال المذكورة مع الشعور الخاصّ الذي ربّما يكون في البعض أكمل من البعض.
__________________
(١) ليس المراد منه هو الادراك الموجود في الانسان وما فوقه بل المراد حقيقة الدرك والوقوف على الحقائق أو ما شئت فعبّر.