فإنّ كلّ ذلك ليس دخيلاً في حقيقة الحياة وإن كان دخيلاً في تحقّق الحياة في درجة خاصّة إذ لولا هذه الأفعال في النبات والحيوان والإنسان لامتنعت الحياة ، لكن دخلها في مرتبة خاصّة لا يعدّ دليلاً على كونه دخيلاً في حقيقة الحياة ، كما أنّ اشتعال المصباح بالفتيلة لا يعدّ كون الفتيلة مقوّما للمصباح ، وإنّما هو مقوّم لدرجة خاصّة ، وعندئذ نخرج بالنتيجة التاليه وهي :
إنّ ما هو المقوّم للحياة هو كون الموجود مدركاً وفاعلا أو ما يضاهي هذه الكلمات.
وإن شئت قلت : فعّالاً ودرّاكاً حسب درجته ومرتبته فالفعل والدرك في الحيوان والنبات يتنزّل إلى حد الحس والحركة ، ويتجلّى بهما ، ولكنّه في الإنسان وما فوقه إلى أن يصل إلى مبدأ الوجود والحياة بشكل آخر الذي ربّما يعبّر عنه بالفعل والدرك والخلق والعلم وما يقوم مقامهما.
وقال الامام الباقر عليهالسلام :
« إنّ الله تبارك وتعالى كان ولا شيء غيره نوراً لا ظلام فيه ، وصادقاً لا كذب فيه وعالماً لا جهل فيه وحيّاً لاموت فيه وكذلك هو اليوم وكذلك لا يزال أبداً (١).
وقال الامام موسى بن جعفر عليهالسلام :
« إنّ الله لا إله إلاّ هو كان حيّاً بلا كيف ولا أين ولا كان في شيء ولا كان على شيء ... كان عزّ وجلّ إلهاً حيّاً بلا حياة حادثة وبلا كون وصوت ولا كيف محدود ولا أين موقوف ولا مكان ساكن بل حيّ لنفسه » (٢).
وفي الختام نقول : إنّ حياته تعالى كسائر صفاته الكمالية صفات واجبة
__________________
(١) توحيد الصدوق : ص ١٤١.
(٢) المصدر نفسه : ص ١٤١.