وفي الوقت نفسه ينسبها إلى الشيطان :
( وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ ) ( الأنفال / ٤٨ ).
وفي آية اُخرىٰ نسبها إلى آخرين وقال :
( وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُم مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ ) ( فصّلت / ٢٥ ).
١٠ ـ مرّ في هذا البحث حصر التدبير في الله حتى إذا سئل من بعض المشركين عن المدبّر لقالوا : هو الله ، إذ يقول في الاية ٣١ من سورة يونس :
( وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللهُ ).
بينما اعترف القرآن بصراحة في آيات اُخرى بمدبّريّة غير الله حيث يقول :
( فَالمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا ) ( النازعات / ٥ ).
فمن لم يكن له إلمام بمعارف القرآن يتخيّل لأوّل وهلة أنّ بين تلك الايات تعارضاً غير أنّ الملمّين بمعارف الكتاب العزيز يدركون أنّ حقيقة هذه الاُمور ( أعني الرازقيّة والشفاء و ... ) قائمة بالله على نحو لا يكون لله فيها أيّ شريك فهو تعالى يقوم بها بالاصالة وعلى وجه « الاستقلال » في حين أنّ غيره محتاج إليه سبحانه في أصل وجوده وفعله ، فما سواه تعالى يقوم بهذه الأفعال والشؤون على نحو « التبعيّة » وفي ظل القدرة الالهية.
وبما أنّ هذا العالم هو عالم الأسباب والمسببات ، وأنّ كل ظاهرة لابدّ أن تصدر وتتحقّق من مجراها الخاص بها المقرر لها في عالم الوجود ، ينسب القرآن هذه الآثار إلى أسبابها الطبيعية دون أن تمنع خالقية الله من ذلك ، ولأجل ذلك يكون ما تقوم به هذه الموجودات فعلاً لله في حين كونها فعلاً لنفس الموجودات ، غاية ما في الأمر انّ نسبة هذه الامور إلى الموجود الطبيعي نفسه إشارة إلى الجانب « المباشري » فيما يكون نسبتها إلى « الله » إشارة إلى الجانب « التسبيبي ».