وقال سبحانه : ( لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ ) ( الأنعام / ١٠٣ ).
ويستظهر معناه ممّا قورن به من كونه حكيماً وبصيراً وعليماً ولطيفاً.
قال ابن فارس : « خبر » له أصلان : الأوّل العلم ، والثاني يدل على لين ورخاوة وغزر ، فالأوّل الخبر : العلم بالشيء ، تقول لي بفلان خبره وخبر ، والله تعالى الخبير أي العالم بكلّ شيء ، وقال الله تعالى : ( وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ) ، والثاني الخبراء وهي الأرض الليّنة والخبير الأكّار وهو من هذا ، لأنّه يصلح الأرض ويدمّثها ويلينها » (١).
وقال الراغب : « العلم بالأشياء المعلومة من جهة الخبر ، وخبرته خبراً وخبرة وأخبرت وأعلمت بما حصل لي من الخبر ، وقيل الخبرة : المعرفة ببواطن الأمر ».
وفسّره الصدوق بمطلق العلم وقال : « الخبير معناه العالم ، والخبر والخبير في اللّغة واحد ، والخبر علمك بالشيء ، يقال لي به خبر أي علم » (٢) والظاهر انّ المراد هو الثاني وهو العلم بكنه الشيء والخبير هو المطّلع على حقيقته وإليه يشير قوله : ( فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا ) ( الفرقان / ٥٩ ).
وقوله : ( وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ) ( فاطر / ١٤ ). نعم الخبير صفة المخلوقين إنّما يستعمل في العلم الذي يتوصل به في الاختبار والامتحان والله منزّه منه (٣).
وأمّا حظ العبد فيمكن أن يكون مظهراً لهذا الاسم بالبحث والفحص عن أسرار الكون ودقائقه ، ومحاسن الأخلاق وقبائحه.
__________________
(١) مقاييس اللغة ج ٢ ص ٢٣١.
(٢) كتاب التوحيد : ص ٢١٦.
(٣) لوامع البينات للرازي : ص ٢٤٨.