العيب ، ولا الصحّة إلاّ عند المرض ، ولا العافية إلاّ عند الاصابة بالحمّى ، ولا تدرك لذة الحلاوة إلاّ عند تذوّق المرارة.
وبالجملة لولا المرض لما علمت قيمة الصحّة ، ولولا الشتاء لما عرفت قيمة الصيف ، وهكذا.
ومن هنا نجد البنّائين والمهندسين إذا بنوا داراً تفنّنوا في بناء الجدران والسقوف ، فبنوها متموّجة متعرّجة لا مسطّحة خالية من أية تعرجات وتموّجات ، لأنّ النفس الميّالة بطبعها إلى التنوّع لا ترتاح إلاّ برؤيتها للجدار المتنوّع الأشكال والسطوح.
ولعلّ لهذا السبب كانت الوديان إلى جانب الجبال ، والأشواك إلى جانب الورود ، والثمار المرة إلى جانب الثمار الحلوة ، والماء الاُجاج إلى جانب الماء العذب الفرات ، وعبور الأنهر والمياه عبر الجداول المتعرجة الملتوية في بطون السهول والأودية.
إنّ المصائب وإن كانت مرّة غير مستساغة ، ولا مأنوسة المذاق ، إلاّ أنّها تبرز من جانب حلاوة الحياة وقيمة النعم ، وأهمّية المواهب.
فجمال الحياة وقيمة الطبيعة ينشآن من هذا التنوّع والانتقال من حال إلى حال ، والتبدّل من وضع إلى آخر.
الثانية : إنّ هناك من المحن ما ينسبها الإنسان الجاهل إلى خالق الكون والحال أنّ أكثرها من كسب نفسه ونتيحة منهجه.
فإنّ الأنظمة الطاغوتية هي التي سبّبت تلك المحن وأوجدت تلك الكوارث ، ولو كانت هناك أنظمة قائمة على قيم إلهية لما تعرّض البشر لتلك المحن ولما أصابته أكثر تلك النوائب.
فالتقسيم الظالم للثروات ـ مثلاً ـ هو الذي سبّب في تجمّع الثروة عند قلّة قليلة ، وانحسارها عن جماعات كثيرة ، وتمتّع الطائفة الاُولى بكلّ وسائل الوقاية و