إِنِ الحُكْمُ إِلاَّ للهِ يَقُصُّ الحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ ) ( الأنعام / ٥٧ ).
قال ابن فارس : « الفصل » يدل على تميّز الشيء عن الشيء وابانته عنه ، يقال : فصل الشيء فصلاً ، والفيصل : الحاكم ، والفصيل : ولد الناقة إذا افتصل عن اُمّه ، والمفصل : اللسان ، لأنّ به تفصل الاُمور وتميّز.
وقال الراغب : ابانة أحد الشيئين عن الآخر حتى يكون بينهما فرجة وسمّي يوم القيامة يوم الفصل ، لأنّه يبيّن الحق من الباطل ، ويفصل بين الناس بالحكم ، وفصل الخطاب ما فيه قطع الحكم.
وعلى ذلك فمعنى قوله سبحانه « خير الفاصلين » أي خير الحاكمين ، لأنّه لا يظلم في قضاياه ولا يجور عن الحقّ ، وإنّه يقضي بالحق ولا يعدل عنه ، والناس يحكمون بالايمان والبيّنات والقرائن والشواهد وهي قد تصيب وقد تخطئ ، وهو سبحانه يقضي بعلمه الوسيع الذي لا يشوبه جهل ، وبعرفانه الذي لا يخالطه خطأ فهو خير الفاصلين.
وحظ العبد من هذا الاسم هو اتّصافه بالقضاء العدل ، والحكم الفصل.
قال سبحانه : ( يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللهِ ) ( ص / ٢٦ ).
وروي عن الصادق عليهالسلام أنّه قال : « القضاة أربعة : ثلاثة في النار وواحد في الجنّة : رجل قضى بجور وهو يعلم فهو في النار ، ورجل قضى بجور وهو لا يعلم فهو في النار ، ورجل قضى بالحقّ وهو لا يعلم فهو في النار ، ورجل قضى بالحقّ وهو يعلم فهو في الجنّة » (١).
__________________
(١) وسائل الشيعة ج ١٨ الباب ٣ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٦.