وقد دل غير واحد من الآيات على أنّ رزق العباد والدوابّ على الله سبحانه.
قال عزّ وجلّ : ( وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللهِ رِزْقُهَا ) ( هود / ٦ ). ودلّت بعض الايات على أنّ منبع الرزق ومصدره هو السماء.
قال سبحانه : ( وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ) ( الذاريات / ٢٢ ).
فلو كان المراد من السماء هو السماء المحسوس ، فالمراد من الرزق إمّا هو المطر كما عليه قوله سبحانه :
( وَمَا أَنزَلَ اللهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن رِّزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ) ( الجاثية / ٥ ). أو الأعم منه ومن الأنوار والأشعّة الحيوية إلى غير ذلك من الاُمور النازلة من السماء إلى الأرض.
وأمّا الرزق فقد فسّره ابن فارس بعطاء الله جلّ ثناؤه.
وقال الراغب : الرزق يقال للعطاء الجاري تارة دنيويّاً كان أم اُخرويّا ، وللنصيب تارة ولما يصل به إلى الجوف ويتغذى به تارة.
فالأوّل مثل قول القائل : « أعطى السلطان رزق الجند » ، والثاني : ( وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ ) ( الواقعة / ٨٢ ) أي تجعلون نصيبكم من النعمة تحرّى الكذب ، وأمّا الثالث فقوله : ( فَلْيَأْتِكُم بِرِزْقٍ مِّنْهُ ) ( الكهف / ١٩ ) أي بطعام يتغذى به ، وقد يطلق على الرزق الاُخروي.
قال سبحانه في حقّ الشهداء في سبيل الله : ( بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ) ( آل عمران / ١٦٩ ).
والظاهر أنّ المراد من الرزق هو كل ما يحتاج إليه الإنسان في مأكله وملبسه ومسكنه ولا يختصّ بما يصل إلى الجوف وإن كان هو الرزق البارز.
قال الحكيم السبزواري : إنّ رزق كل مخلوق ما به قوام وجوده ، وكماله