و من هذا الباب الحَسَب الذي يعدّ من الإنسان ، قال أهل اللّغة معناه أن يعدّ آباءً أشرافاً (١).
وقال الراغب : « الحساب إستعمال العدد ، قال تعالى : ( لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالحِسَابَ ) هذا ما يرجع إلى الحساب ، وامّا ما يرجع إلى المضاف أعني سريع فالسرعة ضد البطء.
قال تعالى : ( وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ ). ( وَيُسَارِعُونَ فِي الخَيْرَاتِ ) (٢).
ثمّ إنّ توصيفه بسريع الحساب امّا لأجل نفوذ إرادته وتحقّق كلّ شيء بعد مشيئته بلا بطء وسكون.
قال سبحانه : ( إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ ) ( يس / ٨٢ ).
أو كونه مجرداً بل فوقه ، وجميع الأمكنة والمكانيات سواء ، وكل حاضر لديه ، وليس هناك ماض ولا استقبال ، « لا يشغله شأن عن شأن » فيسرع في وصول الجزاء لكيلا يمنع الحقّ عمّن له الحقّ.
وسئل أمير المؤمنين عن محاسبة الله فقال : « يحاسب الخلائق كلهم دفعة واحدة كما يرزقهم دفعة » (٣).
فسريع الحساب اسم من أسماء الله الحسنى وهو عامّ شامل للدنيا والآخرة معاً ، وقد عرفت أنّ ملاك السرعة هو تحقّق كل ما أراد بلا فصل. وحضور الكل لديه دفعة واحدة.
قال سبحانه : ( وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ) ( الكهف / ٤٩ ).
__________________
(١) مقاييس اللغة ج ٢ ، ص ٦٠.
(٢) المفردات : ص ٢٣٠.
(٣) شرح الأسماء الحسنى : ص ٤٧.