والله عزّ وجلّ هو السيّد الصمد الذي جميع الخلق من الجن والانس إليه يصمدون في الحوائج ، وإليه يلجأون عند الشدائد ، ومنه يرجون الرخاء ودوام النعماء ، ليدفع عنهم الشدائد (١).
وإذا كان الله تعالى هو الموجد لكلّ ذي جود ممّا سواه فيقصده كلّ ما صدق عليه أنّه شيء غيره ، ويحتاج إليه في ذاته وصفاته وآثاره ، قال تعالى : ( أَلا لَهُ الخَلْقُ وَالأَمْرُ ) ( الأعراف / ٥٤ ). وقال : ( وَأَنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ المُنتَهَىٰ ) ( النجم / ٤٢ ). فهو الصمد في كلّ حاجة في الوجود ، لا يقصد شيء شيئاً إلاّ وهو الذي ينتهي إليه قصده ، وتنجح به طلبته ، وتقضى به حاجته.
وإنّما دخلت اللام على الصمد لإفادة الحصر ، فهو تعالى وحده الصمد على الاطلاق لما عرفت من أنّه ينتهي إليه قصد كلّ قاصد ، وهو المقصود بالاصالة وغيره مقصود بالتبع.
وإنّما كرّر لفظ الجلالة وقال : ( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ * اللهُ الصَّمَدُ ) ولم يقل هو الصمد ، أو لم يقل الله أحد صمد ، فلعلّه للإشارة إلى أنّ كلا من الجملتين كاف في تعريفه تعالى فالمعرفة حاصلة بكلّ واحد.
وإنّما لم يدخل اللام على « أحد » فلعلّه لأجل ادعاء أنّه لا يطلق على غيره سبحانه فليس غيره أحد فلا يحتاج إلى عهد وحصر.
والآيتان تصفانه سبحانه بصفتي الذات والفعل ، فالأحدية من صفات الذات وهي عينها ، والصمدية من صفات الفعل حيث يصفه بانتهاء كلّ شيء إليه وهو من صفات الفعل.
هذا وقد نقل العلاّمة المجلسي للفظ الصمد معاني كثيرة تناهز العشرين غير أنّ أكثرها ليست معناني متعدّدة بل يرجع إلى أنّه السيد المصمود ، وقد ذكر الصدوق
__________________
(١) الكافي : ج ١ ، ص ١٢٤.