ولمزيد من التوضيح نقول : إنّ الإنسان عند ما يطلّ بنظره إلى الخارج ويلاحظ ما يحيط به في هذا الكون ، يشاهد شجراً وحجراً ، وناراً وثلجاً ، وبحراً وجبلاً ، وشمساً وقمراً ، فهناك :
مدرِك ـ بالكسر ـ هو الإنسان وشيء في الخارج وهو المدرَك ـ بالفتح ـ وصورة متوسطة منتزعة من الشيء الخارجي تنتقل إلى مركز الإدراك ، عبر أدوات الاحساس والمعرفة.
وبما أنّ الحاضر ـ عندنا ـ ليس هو ذات القمر والشمس أو النار والثلج بوجودهما الخارجيين ، وإنّما الحاضر ـ عندنا ـ وفي ذهننا هو « الصورة » المنتزعة الحاصلة من الخارج يسمى الشيء الخارجي « معلوماً بالعرض » والصورة الذهنية الحاكية للخارج « معلوماً بالذات » لأنّ الخارج معلوم بوساطة هذه الصورة ، ولولاها لانقطعت صلة الإنسان بالخارج ، والواقع الخارجي.
وأمّا قولنا : بأنّ الخارج ليس حاضراً عندنا بواقعيّته الخارجيّة فهو أمر واضح لأنّ الذهن غير قادر على تقبّل الشيء بواقعيته الخارجية الحارة ، الباردة الخشنة ، الثقيلة إلى غير ذلك من الآثار المحمولة على الخارج.
وهذا هو العلم الحصولي ، وعلى ذلك ينطبق التعريف المذكور مطلع هذا البحث.
وهناك نوع آخر من العلم يسمّى بالعلم الحضوري وهو عبارة عن حضور نفس المعلوم بواقعيّته الخارجيّة عند الذهن لا بصورته ومفهومه.
وعند ذلك ينقلب التثليث (١) المذكور في تعريف « العلم الحصولي » إلى تقسيم ثنائي فلا يكون ثمّة مدرِك ـ بالكسر ـ ومدرَك ـ بالفتح ـ بواقعيته الخارجية وصورة ومفهوم منها بل يكون مدرِك ـ بالكسر ـ ومدرك ، وربّما يكون اُحاديّاً كما
__________________
(١) الانسان المدرك والشيء الخارجي وصورته الذهنية.