نكتة يجب التنبيه إليها
إنّ مجرد انعكاس الصورة من الخارج في الذهن ، سواء قلنا بمادّيتها أو بتجرّدها عن الماديّة ، لا يعادل العلم ، ولا يساوقه ، وإلاّ لكانت الصورة المنعكسة في المرايا علماً ، والمرآة عالمة ، بل يجب أن يكون هناك أمر آخر وهو لزوم نوع وحدة بين الصورة وحاملها وعينيّة بين العلم بالذات والعالم ، بحيث تعد الصورة من مراتب وجود العالم ، ومظهراً من مظاهر وجوده.
وهذه الحقيقة هي الّتي حقّقها الفلاسفة في البحث عن اتّحاد العاقل والمعقول ، والمراد من العاقل هو الإنسان العالم بالشيء ، ومن المعقول هو الصورة الذهنيّة.
فيجب أن يكون وجود الصورة بوجه يتّحد مع النفس ، اتّحاد العرض مع جوهره في الوجود ، وإلاّ فلو عدّت النفس ظرفاً للصورة ، والصورة شيئاً موجوداً فيه ، كانت أشبه شيء بالصورة المنعكسة في المرايا.
اجابة عن سؤال :
لقد اتّضح ممّا ذكرنا : إنّ الصور الذهنية على نوعين :
١. صور منتزعة من الخارج ، ومأخوذة عنها مباشرة.
٢. صور غير منتزعة من الخارج ، وإنّما تعدّ من صنائع النفس ومخلوقاته ، وعلى هذا فينطرح السؤال التالي :
إنّ الله سبحانه يقول : ( وَاللهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) ( النحل / ٧٨ ).
والآية صريحة في أنّ مفاتيح العلم ، وصيرورة الإنسان غير العالم عالماً هو « الحواس » ومع ذلك فكيف يمكن أن يقال إنّ هناك مفاهيم وصور معلومة للإنسان