غير واردة إلى الذهن من الخارج عند اتّصاله به.
الجواب :
لا شك انّ كلّ ما يقف عليه الإنسان وليد صلته بالخارج وارتباطه به ، فلو ولد الإنسان فاقداً لحواسّ تربطه بالخارج ، لما انقدح ولا ظهر في ذهنه شيء ، ولأجل ذلك يقول الفيلسوف الإسلامي « أبو علي » : « من فقد حسّاً فقد علماً » (١).
ويقول « جون لاك » : « ليس في العقل شيء إلاّ وقبله في الحسّ شيء آخر ».
ومع هذا فإنّ المفاهيم على قسمين :
١. ما تؤخذ مباشرة من الخارج ، ويكفي في هذا القسم مجرّد الارتباط ، كالصورة الواردة إلى الذهن ، من الحجر والشجر ، والقلم ، والمنضدة وما شاكل ذلك.
٢. ما لا يؤخذ من الخارج بهذا النحو ، غير أنّ ارتباط الإنسان بالخارج واتّصاله به يهيئه ويعطيه استعداداً لأن يصنع هذه المفاهيم الكلّية ، بحيث لولا تلك الصلة لما استطاعت النفس البشرية أن تصنع تلكم المفاهيم.
وهذا مثل تصوّر « الإنسان الكلّي » ، فهذا المفهوم وإن لم يكن منتزعاً من الخارج كانتزاع صورة القلم عنه ، غير أنّ صلة الإنسان بهذا الفرد من البشر ، وذاك الفرد يعطيه قدرة لأن يصنع في محيط الذهن « مفهوماً كلّياً » قابلاً لأن يحكي عن كلّ ما يمكن أن يعدّ قدراً مشتركاً.
وبهذا الشكل يستطيع الإنسان أن يأخذ كثيراً من المفاهيم الّتي ليس لها
__________________
(١) قد استفيض نقل هذا الكلام عن الشيخ الرئيس.