الأجسام سواسية وهذا بديهي البطلان.
نعم تلك الحيثيّة الّتي تعدّ مبدأً للعلّية ، تكون في العلل الماديّة زائدة على الذات وفي العلل العلوية وبالأخص الحق سبحانه نفس ذاته.
الثالثة : إنّ فاعليته تعالى لما عداه ، يكون بنفس ذاته ، لا بخصوصيّة طارئة عليه وجهة زائدة عليه فهو تعالى بنفس ذاته ، المحيط بكلّ شيء وقيّوم له ، فاعل لكلّ شيء كيف ، وإلاّ يلزم أن يكون في فاعليته مفتقراً إلى غيره (١) فيلزم أن يكون في وجوده أيضاً كذلك وهو خلف ، فالواجب فاعل في ذاته بذاته ، لا بحيثيّة متضمّة إلى ذاته تقييدية كانت أو تعليلية.
الرابعة : إنّه تعالى عالم بذاته وإنّ علمه بذاته عين ذاته ـ كما عرفت ـ.
إذا عرفت ذلك تقف على أنّ علمه بذاته مستلزم للعلم بمعاليله ومخلوقاته وإنّ أحد العلمين لا ينفك عن الآخر وذلك لأنّه إذا كان العلم بالحيثيّة مستلزماً للعلم بالمعلول وكانت تلك الحيثية حسب المقدمة الثالثة نفس ذاته ينتج إنّ العلم بالذات ، نفس العلم بالمعاليل والمعلومات.
وبعبارة اُخرى :
العلم بالجهة المقتضية للشيء الّتي هي العلّة حقيقة ( وهي في الواجب تعالى نفس ذاته ) مستلزم للعلم بما يترتّب عليها من المعلول.
ففرض تلك الذات في العين ، يلازم لازمها في العين ، وإذا حصلت في الذهن ، يترتّب عليها في الذهن قضاء لحكم اللزوم ، فالعلم بالسبب من حيث هو سبب ، مستلزم للعلم بالمسبب المترتّب عليه وهذا الاستلزام يتصوّر على أنحاء أكملها : أن يكون العلم بالمسبّب عين العلم بالسبب فيكون العلم بالسبب عين
__________________
(١) قد ثبت في محله انّ الافتقار في الفعل لا ينفك عن الافتقار في الذات ، ولأجل ذلك قالوا واجب الوجود بالذات واجب من جميع الجهات.