والله سبحانه بما أنّه بسيط من كلّ الجهات فالعلم بالذات البحث البسيط ، هو عين العلم بالحيثيّة التي تصدر بها عنه الأشياء ، فمثل هذا العلم يلازم العلم بعامّة معلولاته على الترتيب الذي يصدر عنه.
٢ ـ وقال صدر المتألّهين : إنّ ذاته سبحانه لمّا كان علّة للأشياء ـ بحسب وجودها ـ والعلم بالعلّة يستلزم العلم بمعلولها على الوجه الذي هو معلولها ، فتعلّقها من هذه الجهة لابد أن يكون على ترتيب صدورها واحداً بعد واحد (١).
وهذه العبارة تفيد : انّ علمه سبحانه بالأشياء قبل الخلقة محقّق حتى على الترتيب الذي توجد به الأشياء في نظام الأسباب والمسبّبات.
٣ ـ وقال الحكيم الالهي السبزواري نظماً :
وعالم بغيره إذا استند |
|
إليه وهو ذاته لقد شهد |
بالسبب العلم بما هو السبب |
|
علم بما هو مسبّب به وجب |
ثمّ قال شارحاً ذلك :
وحاصله : انّ الأشياء في ذواتها مستندة إليه تعالى وهو تعالى علم بذاته ، والعلم بالعلّة بما هي علّة يقتضي العلم بالمعلول ، فهو تعالى ينال الكلّ من ذاته.
ثمّ التقييد بقولنا : « بما هو السبب » إشارة إلى أنّ المراد من العلم بالسبب : العلم بالجهة المقتضية للمسبب سواء كانت عين ذاته أو زائدة.
ولا شك انّها عين حيثيّة ترتب المسبب على السبب إذ التخلف عن السبب التام محال ، كما أشرنا إليه بقولنا : « به وجب ».
فكلّما حصلت « الحيثية » في ذهن أو خارج حصل ذلك المسبّب فيه ، إذ
__________________
(١) الاسفار : ج ٦ ، ص ٢٧٥ وغيره مفصلاً ومختصراً.