ليس معنى المعلوليّة إلاّ تعلّقه وجوداً بالعلّة ، وقيامه بها قياماً حقيقيّاً ، كقيام المعنى الحرفي بالمعنى الاسمي.
فكما أنّ المعنى الحرفي قائم ـ حدوثاً وبقاءً ـ بالمعنى الاسمي ، بحيث لو قطع النظر عن المعنى الاسمي لما كان للمعنى الحرفي تحقّق في وعاء الوجود ، فهكذا المعلول ، فصلته بالعلّة أشدّ من صلة المعنى الحرفي بالمعنى الاسمي.
فإذا قلنا « سرت من البصرة » فهناك معنىً اسميا من : السير ، والبصرة ، وهناك معنىً حرفيّاً وهو ابتداء السير من ذلك البلد.
فحقيقة الابتداء الحرفي ليس شيئاً مستقلاًّ ، بل هو أمر مندكّ قائم بالطرفين ، وهكذا مثل المعلول الصادر من العلّة ، بمعنى مفيض الوجود ، فليس للمعلول واقعيّة سوى قيامه بالعلّة ، واندكاكه فيها وتعلّقه وتدلّيه بها.
وما هذا هو شأنه لا يخرج عن حيطة وجود العلّة ، ومجال ثبوتها ، إذ الخروج عن ذلك المجال مساوٍ للانعدام ومساوق للبطلان.
وعلى الجملة : فالمعلول بالنسبة إلى العلّة كالوجود الرابط بالنسبة إلى « الوجود المستقل » فكما أنّ الوجود الرابط لا يستغني عن « الوجود المستقل » آناً واحداً من الآنات ، بل يستمد منه وجوده ـ كلّ وقت وحين ـ فهكذا المعلول يستمد وجوده ـ حدوثاً وبقاءً ـ من العلّة ، وما هذا شأنه لا يمكن أن يخرج عن حيطة وجود العلّة ، ومجال تحقّقه. ومعنى ذلك حضوره لدى العلّة وما نعني من العلم سوى الحضور.
ويتّضح من ذلك القاعدة أنّ الموجودات الامكانية بما أنّها فعله ، هي علمه أيضاً فهي بوجوداتها الامكانية علم لله علماً فعلياً.
وإن أردت مزيد توضيح فلاحظ الصور الذهنية ، فإنّ الصورة الذهنيّة أفعال للنفس مع أنّها في نفس الوقت علوم فعليّة لها ، فالعلم والفعل مجتمعان.
وهذا البرهان هو المنقول عن شيخ الاشراق وقد أوضحه المحقّقون.