لا سابق ، فلا ينافي في الامكان الذاتي (١).
وإن شئت قلت : إنّ العلم إنّما هو تابع للمعلوم فلا يكون مفيداً لوجوبه ، فالعلم تعلّق بوقوعه بوصف أنّه ممكن بالذات فهي ممكنة لذواتها ، واجبة لغيرها ، وهو تعلّق علم الباري تعالى بوجوبها ، ولا تنافي بين الامكان بالذات والوجوب بالغير.
وبعبارة اُخرى : إنّ الممتنع هو اجتماع « الممكن بالذات » مع « الواجب بالذات ».
وأمّا اجتماع « الممكن بالذات » مع « الواجب بالغير » فهو أمر ممكن وجائز ، والمعاليل عند وجود العلّة التامة ممكنات بالذات ، واجبات بالغير.
وعلى ذلك فلو تعلّق علمه سبحانه بوجود حادث في وقت كذا ، فعلمه سبحانه لا يخرجه عن الامكان بالذات ، سواء قلنا بأنّ علمه سبب ، أو غير سبب ، إذ غاية ما يقتضي كون علمه سبباً ، هو وجوب وجوده بالغير ، وهو يجتمع مع الممكن بالذات.
فلو تعلّق علمه سبحانه بوقوع حادث في ظرف خاص الحادث وإن كان يقع قطعاً ولا يتخلّف ، غير أنّ ذلك الوقوع القطعي ، لا يخرجه عن الامكان الذاتي.
لأنّ معنى الامكان الذاتي مساواة الشيء إلى الوجود والعدم في حد الذات وهو محفوظ بعد لحوق العلّة واتّصافه بالوجوب الناشئ عن جانب العلّة ، فهو إذن ممكن ذاتي وإن كان واجباً بالغير.
وبذلك تقف على أنّه لا حاجة إلى القول بأنّ علمه ليس سبباً ومصدراً للمعلوم (٢).
__________________
(١) كشف المراد : ص ١٧٦.
(٢) كما عليه الفاضل القوشجي في شرحه على التجريد : ص ٤١٤.