وأمّا الثالث فهو نظرية أخرى بين القول بإتحاد صفاته الذاتية مع الذات ومغايرته ، فالمعتزله على الأوّل وأهل الحديث على الثاني ، ولمّا لم ينجح الشيخ في القضاء الحاسم بين النظريتين إختار قولاً ثالثاً وهو أنّه لا هو ولا غيره ، وهو بحسب ظاهره أشبه بارتفاع النقيضين إلاّ أن يفسّر بوجه يرفع ذلك الاشكال.
والشيخ الأشعري يصّر في كتاب « الابانة » على أنّ الاسم نفس المسمّى ولا يذكر وجهه (١).
وما ذكرنا من المبني ( مراده من الاسم المدلول ) لتوجيه كلامه فإنّما ذكره اتباع مذهبه ك « الايجي » في المواقف و « التفتازاني » في المقاصد وشرحه ، والسيد الشريف في شرحه على المواقف.
يؤاخذ على الشيخ بأنّه أي حاجة في جعل هذا الاصطلاح أي اطلاق الاسم وارادة المدلول منه حتى نحتاج إلى هذه التوجيهات.
ثم إنّ القائلين بالاتحاد استدلّوا بوجوه :
١ ـ قالوا : إنّ الله تعالى أمر بتسبيح اسمه وقال : ( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى ) ( الاعلى / ١ ). ودلّ العقل على أنّ المسبّح هو الله تعالى لا غيره وهذا يقتضي انّ اسم الله تعالى هو هو لا غيره.
٢ ـ وقالو : إنّه سبحانه أخبر انّ المشركين عبدوا الأسماء وقال : ( مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم ) ( يوسف / ٤٠ ).
والقوم ما عبدوا إلاّ تلك الذوات فهذا يدل على أنّ الاسم هو المسمّى.
__________________
(١) وراجع مقالات الاسلاميين ، ص ٢٩٠ ـ الطبعة الثالثة الفصل الخاص لبيان عقيدة أهل الحديث والسنّة.