وقد تضمّنت الآية ، ثلاث آيات أرضية أعني :
١ ـ فالق الحبّ والنّوى.
٢ ـ يخرج الحىّ من الميّت.
٣ ـ ومخرج الميّت من الحىّ.
والكل آيات أرضية والمعنى أنّه سبحانه فالق ما يزرعه البشر من حب الحصيد ، ونوى الثمرات ، وشاقّه بقدرته ، وبذلك يبيّن قدرته على ربط علل الإنبات والنمو بمسبّباته وذلك بتقديره.
وإنّما خصّ بالذكر خصوص حالة فلق الحب والنّوى من بين سائر الحالات مع أنّه ستمر على الحبّ والنّوى حالات وتطرء عليهما مراحل مختلفة من النمو حتى يصير زرعاً أو شجراً وإنّما خصّ ذلك لأنّ لتلك الحالة من بين سائر الحالات أهمّية خاصّة تشبه بحالة خروج الطفل من بطن اُمّه بعد ما كان محبوساً فيها بين ظلمات ثلاث ، والحبّ والنّوى يمثّلان قلاعاً مستحكمة تحتفظ فيها المادة الحيوية للنباتات فاذا صارت الظروف مستعدّة لخروجها ونموّها وانتشارها ; تتحرك الحبّة بالتشقّق والتفتّح فتأخذ البذرة والنّوى مسيرها نحو التكامل.
وأمّا البحث حول الاية الثانية والثالثة الواردتين في هذه الآية المباركة أعني اخراج الحي من الميّت واخراج الميّت من الحي فقد ركّز القرآن على هذين العملين في غير مورد من الآيات.
يقول سبحانه : ( تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ وَتُخْرِجُ المَيِّتَ مِنَ الحَيِّ وَتَرْزُقُ مَن تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) ( آل عمران / ٢٧ ).
وهاتان الآيتان من السنن العامّة الإلهية التي يركّز عليهما القرآن الكريم. والذي يناسب المقام هو أن يقال : إنّ المراد من خروج الحيّ من الميت هو اخراج البذر من نبات وشجر وهو حيّ متغذ نام ، من الميت أعني التراب وهو ما لا يتغذّى