خارج عن محيط البحث ، تخصّصاً لا تخصيصاً ، أي لا لقصور في الفاعل بل لقصور في المورد ونعني به الممتنع ذاتيا. والأمر القبيح ليس أمراً ممتنعاً بالذات ، بل ممتنع بالغير وحسب الحكمة.
وأمّا الثاني : فليس هناك شيء مانع من نفوذ القدرة الإلهية كي يزاحم تلك القدرة إلاّ إذا كان موجوداً ، وهذا الموجود إن كان واجب الوجوب مثله سبحانه فهو مرفوض بما ثبت من وحدة واجب الوجود ، وانتفاء نظير له وأنّه بالتالي ليس في صفحة الوجود واجب سواه ، وإن كان ممكناً مخلوقاً له سبحانه فهو مقهور له تعالى فكيف يزاحم قدرته ، وكيف يمنع من نفوذها ؟
وأمّا الثالث : وهو ضيق نطاق قدرته ، فهو مدفوع لما سيوافيك ـ أيضاً ـ من أنّ وجود الله تعالى غير محدود ، ولا متناه ، فهو وجود مطلق لا يحدّه شيء من الحدود العقليّة والخارحيّة وما هو غير متناه في وجوده ، غير متناه في قدرته (١) لما ثبت من عينيّة صفاته وجوداً وتحقّقاً مع ذاته.
والحاصل : انّ هذا البيان يعتمد على أمرين كل منهما ثابت ومحقق :
أوّلاً : ما سيوافيك من أنّ وجوده سبحانه غير محدود ولا متناه ، بمعنى أنّه لاتحدّه حدود عقليّة ولا خارجيّة.
ثانياً : سيوافيك أيضاً من أنّ صفاته تعالى عين ذاته ، لا أمر زائد على الذات.
__________________
(١) وقد استدلّ بعض المحققين من علماء الكلام على عموميّة قدرته من طريق آخر فقال « العلاّمة الحلّي » في كشف الفوائد : ص ٤٣ والدليل عليه ( أي على عموم قدرته ) انّه تعالى واجب الوجود دون غيره ، وكل ما عداه ممكن وكل ممكن محتاج إلى المؤثر ولابد أن ينتهي إلى الواجب. فعلّة الحاجة وهي الامكان ثابتة في الجميع ، فتساوت نسبتها إليه سبحانه بالاحتياج لاستحالة الترجيح من غير مرجّح ، فيكون قادراً على الجميع ، وراجع كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد : ص ١٧٤ ، و « قواعد المرام » : ص ٩٦ ، وارشاد الطالبين : ص ١٨٧.