وأمّا معناه فقد ذكر ابن فارس له معنيان فقال : « يدل أحدهما على شدّة وخلاف ضعف ، والآخر على خلاف هذا وعلى قلّة خير ، فالأوّل القوّة والقوي خلاف الضعيف » (١).
وقال الراغب : القوّة تستعمل تارة في معنى القدرة نحو قوله : ( خُذُوا مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ ) وتارة للتهيّؤ الموجود في الشيء نحو أن يقال : النوى بالقوّة نخل أي متهيّئ ومترشح أن يكون منه ذلك.
الظاهر أنّ القوّة لا ترادف القدرة المطلقة بل المراد هو المرتبة الشديدة ، سواء أريد منه القوّة البدنيّة نحو قوله : ( وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً ) أو القدرة القلبية مثل قوله ( يَا يَحْيَىٰ خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ ) أي بقوّة قلب ، أو القوّة الخارجيّة ، مثل قوله ( لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً ).
والمراد المال والجند وقال : ( نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ ) ، وعلى هذا يعود معنى القوّة إلى القدرة التامّة التي لا يعارضها شيء ، ولأجل ذلك قورن مع « شديد » تارة و « العزيز » اُخرى ، فمعنى قوله : ( قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) : انّه سبحانه قويّ لا يضعف عن أخذهم ، شديد العقاب إذا أخذ.
قال الصدوق : « القويّ معناه معروف وهو القويّ بلا معاناة ولا استعانة » (٢).
قال الرازي : « اتّفق الخائضون في تفسير أسماء الله على أنّ القوّة هنا عبارة عن كمال القوّة ، كما أنّ المتانة عبارة عن كمال القوّة فعلى هذا ، « القوّة المتينة » اسم للقدرة البالغة في الكمال إلى أقصى الغايات ».
ثمّ قال : « وعندي أنّ كمال حال الشيء في أن يؤثّر ، فيسمّى قوّة وكمال حال
__________________
(١) الأصل نادر الاستعمال.
(٢) التوحيد : ص ٢١٠.