وقال سبحانه : ( وَأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ) ( الحج / ٦٢ ) (١).
وأمّا معناه : فقد قال ابن فارس : يدل على خلاف الصغر ، والكِبْر ـ بكسر الكاف وسكون الباء ـ معظم الأمر ، قوله عزّ وجلّ : ( وَالَّذِي تَوَلَّىٰ كِبْرَهُ ) ( النور / ١١ ) أي معظم أمره ، وأمّا الكبر ـ بضم الكاف ـ فهو القعيد ، يقال : الولاء للكبر يراد به أقعد القوم في النسب وهو الأقرب إلى الأب الأكبر.
قال الراغب : « الكبير والصغير من الأسماء المتضايفة التي تقال عند اعتبار بعضها ببعض ويستعملان في الكمّية المتّصلة كالأجسام وذلك كالكثير والقليل ، وفي الكميّة المنفصلة كالعدد ، وثمّ استعير للمتعالي فيطلق على ما اعتبر فيه المنزلة والرفعة نحو « قل أي شيء أكبر شهادة ؟ قل الله شهيد بيني وبينكم » ونحو الكبير المتعال ، ومنه قوله : « كذلك جعلنا في كلّ قرية أكابر مجرميها » أي رؤسهائها.
أقول : « إنّ اقتران اسم « المتعال » و « العلي » بالكبير ، يعرب عن كون الملاك في توصيفه سبحانه هو الرفعة والمنزلة ، وكل كمال يتصوّر.
والصدوق فسّره بالسيّد قائلاً : بأنّ سيد القوم كبيرهم ، ولكن مراده ما ذكرناه ، وقال : « الكبرياء » اسم التكبّر والتعظّم ، وقال العلامة الطباطبائي : « والذي يناسب ساحة قدسه تعالى من معنى الكبرياء أنّه تعالى يملك كل كمال لشيء ويحيط به ، فهو تعالى كبير أي له كمال كل ذي كمال وزيادة » (٢).
ولأجل علو منزلته ورفعتها ، وقع علّة لكون الحكم له دون غيره قال : ( وَإِن يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالحُكْمُ للهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ ) ( غافر / ١٢ ).
__________________
(١) لاحظ أيضا ( النساء / ٣٤ ) ، ( لقمان / ٣٠ ) ، ( سبأ / ٣٢ ) ، ( غافر / ١٢ ).
(٢) الميزان : ج ١١ ، ص ٣٣٨.