سبحانك أنت القائل : ( لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ ).
سبحانك أنت القائل : (لَن تَرَانِي ـ يا موسى ـ ) مقروناً بلن للتأبيد في النفي.
سبحانك أنت القائل : ( وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ ).
إنّ الذين يتمنّون رؤيته في الدنيا والآخرة إنّما يتمنّون أمراً محالاً غافلين أنّ العيون لا تدركه بمشاهدة العيان ، ولكن تدركه القلوب بحقائق الإيمان ، فهو قريب من الأشياء ، غير ملابس ، بعيد عنها غير مبائن (١).
إنّ المصرّين على جواز الرؤية يتخيّلون أنّها عقيدة إسلامية وردت في الكتاب والسنّة ولكنهم غفلوا عن أنّها طرحت من قبل الأحبار والرهبان بتدليس خاص ، فهم الأساس لهذه المسائل التي لا تجتمع مع قداسته وتنزيهه سبحانه ، فهذا هو العهد العتيق مليء بالأخبار عن رؤيته تعالى وإليك مقتطفات منه :
١ ـ « رأيت السيّد جالساً على كرسي عال ... فقلت : ويل لي لأنّ عينيّ قد رأتا الملك ربّ الجنود » ( أشعياء / ٦ : ١ ـ ٦ ). والمقصود من السيّد هو الله جلّ ذكره.
٢ ـ « قد رأيت الربّ جالساً على كرسيّه وكل جند البحار وقوف لديه » ( الملوك : الأوّل / ٢٢ ).
ومن أراد التبسّط في ذلك فليرجع إلى سفر التكوين قصة آدم وحواء وقصة يعقوب وإبراهيم ترى فيها أشياء واُموراً ممّا يندى له الجبين ويخجل القلم عن الإشارة إليه.
غير أنّ المغفلين من أهل الحديث أخذوا بالأحاديث الموضوعة على وفق ما جاء في العهدين حقائق راهنة ، فاتخذوا الرؤية عقيدة إسلامية شوّهوا بها المذهب.
__________________
(١) نهج البلاغة : الخطبة ١٧٤.