عنها لأجل اُفولها وغيبوبتها عن الإنسان المربوب وتوجّه إلى الرب الحقيقي وقال : ( إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ المُشْرِكِينَ ) ( الانعام / ٧٩ ).
وأمّا الملك ـ بفتح الميم وسكون اللام ـ فقد جاء في قوله سبحانه : ( مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا ) ( طه / ٨٧ ) فهو مصدر ملك يملك ، والمراد ما أخلفنا الوعد حسب ما كنا نملك من أمرنا.
هذا ما يرجع إلى تفسير هذه الأسماء السبعة على وجه الإجمال ، فلنرجع إلى تفسير « مالك الملك » الذي عقدنا البحث لأجل ذلك الاسم وإن اتّضح معناه بالبحث السابق.
قد عرفت أنّ المُلك ـ بضم الميم ـ هو السلطة والقدرة سواء تعلّق بالناس أو تعلّق بالشيء ، فالله سبحانه بما أنّه مبدع للعالم ، موجد للسماء والأرض وما بينهما يكون الكل ملكاً له سبحانه ملكية تكوينية ، وكونه مالكاً لما خلق يستلزم كونه ذا سلطة وقدرة عليه ، فينتج انّه سبحانه مالك الملك ـ بالضم ـ وله الايتاء لمن شاء والنزع ممّن شاء.
قال سبحانه : ( أَنْ آتَاهُ اللهُ المُلْكَ ) ( البقرة / ٢٥٨ ).
وقال سبحانه : ( وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا ) ( النساء / ٥٤ ).
وقال سبحانه : ( كَمْ تَرَكُوا مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ... وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ ) ( الدخان / ٢٥ ـ ٢٨ ).
فالملك بمعنى السلطة بالذات موهبة إلهية للمجتمع الإنساني ، فلو كان المتقلّد للرئاسة دائناً بدين الحق ، حابساً نفسه على ذات الله ، قائماً بالقسط بين الاُمّة تكون راية العدل خفّاقة ، وأبواب العلم منفتحة ، فتعيش الاُمّة في ظلّها في صلاح وفلاح.