قدرة هي الله سبحانه ودللت على مقدور ، فإذا قلت : « الله حي أثبتّ له حياةً وهي الله ونفيت عن الله موتاً » (١).
والفرق بين الرأيين جوهري ، فالرأي الأوّل يركز على أنّ الله عالم قادر حي بنفسه لا بعلم ولا قدرة ولا حياة ، وأمّا الثاني وهو يركز على كونه سبحانه موصوفاً بهذه الصفات وإنّه عالم بعلم ، وقادر بقدرة ، ولكنها تتّحد مع الذات في مقام الوجود والعينيّة.
هذا هو الذي فهمنا من عبارة أبي الهذيل العلاّف وإن أصرّ القاضي عبد الجبار على ارجاع مقالته إلى ما يفهم من عبارة أبي علي وابنه أبي هاشم ، وقال : إنّه لم تتلخص له العبارة ، وهذه النظرية هي المروية عن علي عليهالسلام في خطبه وكلماته ، ونأتي منها بما يرتبط بالمقام :
١ ـ « كمال توحيده الاخلاص له ، وكمال الاخلاص له نفي الصفات عنه لشهادة كلّ صفة انّها غير الموصوف وشهادة كلّ موصوف انّه غير الصفة » (٢).
٢ ـ « ولا تناله التجزئة والتبعيض » (٣). وقد مضى بعض الاحاديث التي تتعلق بهذا الشأن عند البحث عن بساطة الذات وكثرة الصفات.
وبذلك يعلم أنّ ما ردّ به أبو الحسن الأشعري نظرية وحدة الصفات مع ذات ، إنّما ينسجم مع نظرية النيابة لا مع نظرية أبي الهذيل : « قال إنّ الزنادقة قالوا : إنّ الله ليس بعالم ولا قادر ولا حي ولا سميع ولا بصير ، وقول من قال من المعتزله : إنّه لا علم لله ولا قدرة له ، معناه : إنّه ليس بعالم ولا قادر والتفاوت في الصراحة والكناية » (٤).
__________________
(١) شرح الاصول الخمسة : للقاضي عبد الجبار المعتزلي ص ١٨٣ ، ومقالات الاسلاميين ص ٢٢٥.
(٢) نهج البلاغة الخطبة ١ ـ طبع عبده ـ.
(٣) نهج البلاغة الخطبة٨١ ـ طبع عبده ـ.
(٤) الابانة : ص ١٠٨.