الموصوف ، وشهادة كلّ موصوف انّه غير الصفة فمن وصف الله ( أي بوصف زائد على ذاته ) فقد قرنه ( أي قرن ذاته بشيء غيرها ) ومن قرنه فقد ثنّاه ، ومن ثنّاه فقد جزّأه ومن جزّأه فقد جهله » (١).
وأي برهان أوضح من هذا البيان فإنّ القول بالاتّحاد يوجب تنزيهه عن التجزئة ونفي الحاجة عن ساحته ، ولكن إذا قلنا بالتعدّد والغيريّة ، فذلك يستلزم التركيب ويتولّد منه التثنيه ، والتركيب آية الحاجة والله الغني المطلق لا يحتاج إلى ما سواه.
قال الصادق عليهالسلام : « لم يزل الله جلّ وعزّ ربّنا ، والعلم ذاته ولا معلوم ، والسمع ذاته ولا مسموع ، والبصر ذاته ولا مبصر ، والقدرة ذاته ولا مقدور » (٢).
هذا ويمكن الاستدلال على الوحدة بالذكر الحكيم ، نرى أنّه سبحانه يقول في سورة التوحيد : ( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) ويقول في آخرها : ( وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ ).
فلو قلنا بأنّ الصدر ناظر إلى نفي المثليّة يلزم التكرار ، وأمّا لو قلنا بأنّه ناظر إلى بساطة الذات وعدم تركبه فعندئذ يكون الصدر دليلاً على نفي التركيب ، والذيل دليلاً على نفي المثليّة.
وهناك كلمة قيّمة لأميرالمؤمنين في جواب أعرابي يوم الجمل : فقال يا أمير المؤمنين أتقول انّ الله واحد ؟ قال ( الراوي ) ، فحمل الناس عليه قالوا : يا أعرابي أما ترى ما فيه أمير المؤمنين من تقسم القلب ، فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : دعوه ، فإنَّ الذي يريده الأعرابي هو الذي نريده من القوم ، ثم قال : يا أعرابي ، اِنَّ القول في انَّ الله واحد على أربعة أقسام فوجهان منها لا يجوزان على الله عزّ وجلّ ، ووجهان يثبتان فيه ـ إلى أن قال ـ : « وأمّا الوجهان اللذان يثبتان فيه فقول القائل : هو
__________________
(١) نهج البلاغة : الخطبة ١.
(٢) التوحيد للصدوق ص ١٣٩.