الفاعل وإرادته سواء أقلنا إنّ نفس الإرادة أيضاً أمر اختياري أو خارج عنه ، وهذا لا يهمنا في هذا البحث ، وإنّما المهم إناطة اختياريّة الفعل بسبق الإرادة عليها والفاعل المريد المختار أكمل من الفاعل غير المريد المختار ، وعلى ضوء ذلك لا يمكن سلب الإرادة والاختيار عنه سبحانه لأنّ فقدان الإرادة يستلزم أمرين :
١ ـ كونه فاعلاً غير مريد وبالتالي غير مختار.
٢ ـ كونه فاعلاً غير كامل لأنّ المريد أكمل من غيره وبالتالي المختار أفضل من غيره.
وإن شئت قلت : إنّه سبحانه أمّا ان يكون فاعلاً فاقداً للعلم.
أو يكون عالماً فاقداً للإرادة.
أو يكون عالماً ومريداً لكن عن كراهة لفعله لأجل جبر خارجي عليه يقهره على الإرادة.
أو يكون عالماً ومريداً وراضياً بفعله غير مكره.
والثلاثة الأوّل غير لائقة بساحته ، فيتعيّن كونه فاعلاً مريداً مالكاً لزمام فعله وعمله ، ولا يكون مقهوراً في الإيجاد والخلق ، لأجل وجود جبر قاهر عليه.
إذا وقفت على ذلك فالباحث عن إرادته سبحانه وكونها صفة الذات أو صفة الفعل واقع بين أمرين متخالفين :
فمن جهة إنّ حقيقة الإرادة لا تنفكّ عن الحدوث والتدريج يستحيل أن يكون ذاته سبحانه محلاً للحوادث ، لاستلزامه طروء الفعل والانفعال على ذاته سبحانه وهو محال ، ولأجل ذلك ذهب كثير من المتكلّمين إلى انّ الإرادة من صفات فعله ، فارادته هو إيجاده كما انّ خالقيته عبارة عن فعله وإيجاده ، ورازقيّته عبارة عن انعام الخلق بنعمه.
ومن جهة اُخرى انّ سلب الإرادة عن ذاته وحصر إرادته في الفعل والايجاد