الافلاك والنيّرين وغيرهما من الكواكب السيارة ، ولكن الحقيقة أن كلّ حركة حليفة الزمان وراسِمته ومولدته ، وإنّ التبدّلات عنصريّة كانت أو أثيرية ، مشتملة على أمرين :
الأوّل : حالة الانتقال من المبدأ إلى المنتهى ، سواء كان الانتقال في الوصف ، أو في الذات.
الثاني : كون ذلك الإنتقال على وجه التدريج والسيلان لا على نحو دفعي.
فباعتبار الأمر الأوّل توصف بالحركة ، وباعتبار الأمر الثاني توصف بالزمان ، فكأن شيئاً واحداً باسم التغير والتبدل والانتقال ، يكون مبدأ لانتزاع مفهومين منه ، لكن كلّ واحد منهما باعتبار خاص ، هذا من جانب.
ومن جانب آخر انّ المادّة تتحقق على نحو النتدريج والتجزئة ولا يصحّ وقوعها بنحو جمعي ، لأنّ حقيقتها حقيقة سيّالة متدرّجة أشبه بسيلان الماء ، فكلّّ ظاهرة مادية تتحقق تلو سبب خاص ، وما هذا حاله يستحيل عليه التحقق الجمعي أو تقدّم جزء منه أو تأخّره بل لا مناص عن تحقّق كلّ جزء في ظرفه وموطنه ، وبهذا الاعتبار تشبه الأرقام والأعداد ، فالعدد مثل « الخمسة » ليس له موطن إلاّ الوقوع بين « الأربعة » و « الستة » وتقدّمه على موطنه كتأخّره عنه مستحيل ، وعلى ذلك فالأسباب والمسبّبات المترتبة بنظام خاص ، يستحيل عليها خروج أي جزء من أجزائها عن موطنه ومحله.
إذا عرفت هذا الأمر ، نرجع إلى بيان النكتة وهي ماذا يريد القائل من قوله « لو كانت الإرادة صفة ذاتية لله سبحانه ، يلزم قدم العالم ؟ » فان أراد أنّه يلزم تحقّق العالم في زمان قبله وفي فترة ماضية فهذا ساقط بحكم المطلب الأوّل ، لأنّ المفروض انّه لا زمان قبل عالم المادة لما عرفت من أنّ حركة المادة ترسم الزمان وتولّده.
وإن أراد لزوم تقديم بعض أجزائه على البعض الآخر أو على مجموع العالم