ومحصَّل هذا الشرط وما قبله أنّ مَن بَعُد عنها بدون فرسخ يتعيّن عليه الحضور ، ومن زاد عنه إلى فرسخين يتخيّر بينه وبين إقامتها عنده ، ومن زاد عنهما يجب إقامتُها عنده أو فيما دون الفرسخ مع الإمكان ، وإلّا سقطت.
ولو صلّوا أزيدَ من جمعةٍ في ما دون الفرسخ صحّت السابقة خاصّة ، ويعيد اللاحقة ظهراً ، وكذا المشتبهة (١) مع العلم به في الجملة. أمّا لو اشتبه السبقُ والاقتران وجب إعادة الجمعة مع بقاء وقتها خاصّة ـ على الأصحّ ـ مجتمعين أو متفرّقين بالمعتبر (٢) والظهرِ مع خروجه.
«ويحرم السفر» إلى مسافةٍ أو الموجب تفويتَها «بعد الزوال على المكلّف بها» اختياراً؛ لتفويته الواجبَ وإن أمكنه إقامتُها في طريقه؛ لأنّ تجويزه على تقديره دوريٌّ (٣) نعم ، يكفي ذلك في سفرٍ قصيرٍ لا يُقصَّر فيه ، مع احتمال الجواز فيما لا قصرَ فيه مطلقاً؛ لعدم الفوات. وعلى تقدير المنع في السفر الطويل يكون عاصياً به إلى محلٍّ لا يمكنه فيه العود إليها ، فتُعتبر المسافة حينئذٍ.
ولو اضطرّ إليه شرعاً ـ كالحجّ حيث يفوت الرِفقَة ، أو الجهاد حيث لا يحتمل الحال تأخيره ـ أو عقلاً بأداء التخلّف إلى فوات غرضٍ يضرّ به فواتُه لم يحرم ، والتحريم على تقديره مؤكَّد. وقد روي : أنّ قوماً سافروا كذلك فخُسف بهم ، وآخرون اضطرم عليهم خباؤهم من غير أن يروا ناراً (٤).
____________________
١) يعني : يعيد المشتبهة الحال ظهراً مع العلم باللحوق ، لا بالسبق. المناهج السويّة : ٢٠٤.
٢) أي : بالمعتبر من المسافة.
٣) لأنّه إذا جاز السفر مع إمكانها في الطريق صار طاعة ، فيجب القصر فتسقط فيلزم تفويتها به فيحرم ، فيجب إتمام صلاته ، فلا تفوت فلا يحرم فتقصّر فتفوت ، وهو دور. (منه رحمه الله).
٤) لم نعثر عليه إلّاما نقله في البحار ٨٦ : ٢١٤ ، عن رسالة الجمعة المنسوبة إلى المؤلّف قدس سره ، راجع رسائل الشهيد الثاني ١ : ٢٧٩.