ثمّ يجب عليهم فيه ما يقتضيه مذهبهم ، فمن يذهب منهم إلى جواز صرفه إلى الأصناف على سبيل التتمّة ـ كما هو المشهور بين المتأخّرين منهم (١) ـ يصرفه على حسب ما يراه من بسطٍ وغيره ، ومن لا يرى ذلك يجب عليه أن يستودعه له إلى ظهوره ، فإذا حضرته الوفاة أودعه من ثقة ، وهكذا ما دام «غائباً ، أو يُحفظ» أي يحفظه من يجب عليه بطريق الاستيداع ، كما ذكرناه في النائب وليس له أن يتولّى إخراجه بنفسه إلى الأصناف مطلقاً ولا لغير الحاكم الشرعي ، فإن تولّاه غيره ضمن.
ويظهر من إطلاقه صرف حقّه عليه السلام إلى نوّابه : أنّه لا يحلّ منه حال الغيبة شيءٌ لغير فريقه.
والمشهور بين الأصحاب ـ ومنهم المصنّف في باقي كتبه (٢) وفتاواه ـ استثناء المناكح والمساكن والمتاجر من ذلك ، فتباح هذه الثلاثة مطلقاً (٣) والمراد من الأوّل : الأمة المسبيّة حال الغيبة وثمنها ، ومهر الزوجة من الأرباح. ومن الثاني : ثمن المسكن منها أيضاً. ومن الثالث : الشراء ممّن لا يعتقد الخمس ، أو ممّن لا يخمّس ، ونحو ذلك. وتركه هنا إمّا اختصاراً أو اختياراً؛ لأنّه قولٌ لجماعةٍ من الأصحاب (٤) والظاهر الأوّل؛ لأنّه ادّعى في البيان إطباق الإماميّة
____________________
١) كالمحقّق في المختصر النافع : ٦٤ ، والعلّامة في المختلف ٣ : ٣٥٤ ، والقواعد ١ : ٣٦٥ ، وابن فهد في المهذّب البارع ١ : ٥٧١ ، والمحقّق الثاني في جامع المقاصد ٣ : ٥٦.
٢) البيان : ٣٥١ ، والدروس ١ : ٢٦٣.
٣) أي من غير إخراج شيء منها ، لا حصّة الإمام ولا سائر الحصص. أو سواء كانت بأجمعها للإمام أو خمسها. أو أي في حضور الإمام وغيبته ، المناهج السويّة : ١٥١.
٤) كالحلبي في الكافي : ١٧٤ ، وحكاه العلّامة عن ابن الجنيد في المختلف ٣ : ٣٤٠.