الناسي فلا قضاء عليه ولا كفّارة ، والمكرَه عليه ولو بالتخويف فباشر بنفسه على الأقوى.
واعلم أنّ ظاهر العبارة كون ما ذكر تعريفاً للصوم كما هو عادتهم ، ولكنّه غير تامّ؛ إذ ليس مطلق الكفّ عن هذه الأشياء صوماً كما لا يخفى. ويمكن أن يكون تجوّز فيه ببيان أحكامه ، ويؤيّده أنّه لم يعرِّف غيره من العبادات ولا غيرها في الكتاب غالباً. وأمّا دخله من حيث جعله كفّاً وهو أمرٌ عدميٌّ ، فقابل للتأويل بإرادة العزم على الضدّ أو توطين النفس عليه ، وبه يتحقّق معنى الإخلال به؛ إذ لا يقع الإخلال إلّابفعلٍ ، فلا بدّ من ردّه إلى فعل القلب. وإنّما اقتصر على الكفّ مراعاةً لمعناه اللغوي.
«ويقضي» خاصّةً من غير كفّارةٍ «لو عاد» الجنب إلى النوم ناوياً للغسل ليلاً «بعد انتباهةٍ» واحدةٍ فأصبح جنباً. ولا بدّ مع ذلك من احتماله الانتباه عادةً ، فلو لم يكن من عادته ذلك ولا احتمله كان من أوّل نومه كمتعمّد البقاء عليها. وأمّا النومة الاُولى فلا شيء فيها وإن طلع الفجر بشرطيه.
«أو احتقن بالمائع» في قولٍ (١) والأقوى عدم القضاء بها وإن حرمت. أمّا بالجامد ـ كالفتائل ـ فلا على الأقوى.
«أو ارتمس» بأن غمس رأسه أجمع في الماء دفعةً واحدةً عرفيّة وإن بقي البدن «متعمّداً» والأقوى تحريمه من دون إفسادٍ أيضاً. وفي الدروس أوجب به القضاء والكفّارة (٢) وحيث يكون الارتماس في غسلٍ مشروعٍ يقع
____________________
١) وهو قول الأكثر ، كالشيخ في المبسوط ١ : ٢٧٢ ، والخلاف ٢ : ٢١٣ ، المسألة ٧٣ ، والمحقّق في الشرائع ١ : ١٩٢ ، ويقتضيه إطلاق كلام المفيد في المقنعة : ٣٤٤ ، والسيّد في الناصريّات : ٢٩٤ ، والقاضي في المهذّب ١ : ١٩٢ ، والعلّامة في المختلف ٣ : ٤١٣.
٢) الدروس ١ : ٢٧٢.