كلماته رسالة ، وكانت أفعاله شريعة ، وكان سكوته عما يراه ويسمعه وتقريره له دينا يدان به ، وكانت عظمته في خلقه المنفتح على الناس هي نفسها عظمته في نفسه وفي خلقه الرساليّ الروحيّ في خشوعه لربّه ، في كلّ نبضة من نبضات قلبه ، وكلّ همسة من همسات روحه ، وكل دمعة من دموع عينيه ، وكل ابتهال في سبحات الصلاة والدعاء من ابتهالات وجدانه.
* * *
الله أعلم بالمضلين والمهتدين
(فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ) ما يختزنه المستقبل القريب والبعيد ، من انتصار الدعوة ، وسلامة الحركة واستقامة الطريق ، ورجاحة العقل ، وعمق الحكمة في ما تدعو له وتقوده ، في مقابل سقوط المعارضة ، وخلل الفكرة ، وسوء التدبير وانحراف الطريق ، وسوء العاقبة في ما قاموا به أو يقومون به من أعمال ، وسيظهر للناس كلهم ، في ذلك كله (بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ) أي من هو المفتون المبتلى في عقله وفي سلامة موقفه ، فلا فائدة للدخول معهم في جدل عقيم حول ذلك ، لأن هذه الأمور سوف تظهر في نتائجها النهائية.
(إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ) بما يعرفه من خفايا نواياه وأعماله ، وما يظهره من أوضاعه وحركاته وخططه ، (وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) في إخلاصهم له ، وفي صدقهم معه ، وفي جهادهم في سبيله .. وسيعرف كل واحد موقعه ومصيره في الدنيا والآخرة ، لأن الجميع سوف يقفون أمام الله ، ليفتح الله لكلّ منهم صحيفة أعماله بكل جزئياتها في صغائر الأمور وكبائرها.
* * *