يمنع الحركة والتحوّل ، لأن الله هو ـ وحده ـ الذي تقف الحركة عنده ، وتتحول الأشياء إليه ، (يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ) من أعماله الحسنة والسيّئة من أوّل عمره إلى آخره لتكون النتيجة أن يواجه مصيره لينتهي إلى الجنة أو النار تبعا لعمله.
* * *
بل الإنسان على نفسه بصيرة
(بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ) بما تمثله كلمة البصيرة من وضوح الرؤية للأشياء بحيث لا يغيب منها شيء ، لأن إشراق الحقيقة ينفذ إلى كل زاوية من زوايا حياته ، فيعرف عمق نواياه ، وطبيعة أعماله ، ولعل إطلاق كلمة البصيرة على الإنسان من باب المبالغة بحيث يخيّل إلينا أنه تحوّل إلى أن يكون تجسيدا للبصيرة في رؤية القلب ، وإدراك الداخل ، كقولهم : زيد عدل. (وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ) فحاول أن يقدّم أعذاره التي تخفي طبيعة السوء في عمله ، وحركة الجريمة في حياته ، لأنه يعرف نفسه بنور بصيرته كيف كان عمله ، وكيف كانت حركته ، ولهذا فلا يقبل منه أيّ عذر لأنه لا يمثل الحقيقة الصارخة في واقعه العملي.
وقد جاء في الكافي ، بإسناده عن عمر بن يزيد قال : إني لأتعشى مع أبي عبد الله «جعفر الصادق» عليهالسلام ، إذ تلا هذه الآية (بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ* وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ) ثم قال : يا أبا حفص ، ما يصنع الإنسان أن يعتذر إلى الناس بخلاف ما يعلم الله منه؟ إن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يقول : من أسرّ سريرة ألبسه الله رداءها إن خيرا فخير وإن شرّا فشرّ» (١).
وجاء في مجمع البيان نقلا عن تفسير العياشي ، «بإسناده عن محمد بن
__________________
(١) الكافي ، ج : ٢ ، ص : ٢٩٦ ، رواية : ١٥.