ظلما ، لأن الله تكفل للمؤمنين بالرحمة والعدل والإحسان ، وعاهدهم على أن لا يضيع عمل عامل منهم من ذكر أو أنثى ، فلا ينقص أحدا أجره ، ولا يظلم عبدا حقه ، مما يجعل من مسألة الإيمان مسألة تتصل بالعلاقة العميقة بين المؤمن وبين ربّه ، في ما هي النتائج العظيمة على مستوى المصير السعيد في رحاب الله في الدار الآخرة.
* * *
في الجن مسلمون وقاسطون
(وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ) الذين أسلموا وجوههم لله ، فلم يلتفتوا إلى غيره ، (وَمِنَّا الْقاسِطُونَ) وهم الجائرون العادلون عن الحق ، (فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً) لأن الإسلام في معناه العميق يفتح الإنسان بكل آفاقه على الله ، فلا يبقى له أفق مفتوح على غيره ، ولا إرادة له إلا الإرادة الخاضعة لإرادة الله. ولذلك كانوا المصدّقين بالرسالات ، التابعين للرسل ، السائرين في الخط المستقيم الذي يبدأ من الله وينتهي إليه ، ويؤدي بهم في نهاية المطاف إلى الجنة التي وعد الله بها عباده الصالحين ، هذا بالإضافة إلى ما في الإسلام ، كدين شامل ، من مضمون فكريّ وروحيّ وعمليّ ، يطلّ على واقع الإنسان كله ، من موقع التوازن الذي يرعى كل جوانبه وكل تطلعاته ، بحيث لا يشعر بالغربة معه في كل مفرداته الفكرية والشرعية ، وهذا هو الرشد الذي تحراه هؤلاء المسلمون في سعادة الدنيا والآخرة.
وقد نستوحي من كلمة (تَحَرَّوْا) أن وصولهم إلى هذه النتيجة في قناعاتهم الإيمانية في ما أسلموا به حياتهم لله ، لم يكن حالة انفعالية ناشئة من