الرسالات التي جاء بها الرسل واردة في حسابنا كمصدر لمعرفة الحقيقة ، لأن نوازعنا الذاتية ، وتقاليدنا التاريخية ، كانت ترفض ذلك ، وهذا ما جعلنا نصل إلى الدار الآخرة من دون أيّة فرصة للخلاص.
(حَتَّى أَتانَا الْيَقِينُ) وهو الموت الذي لا بد منه ، حيث انفتحت أمامنا كل الآفاق الغيبية الجديدة التي لا عهد لنا بها ، ووقفنا نحدّق بالمشاهد الخارقة للقيامة في مواقف الحساب بين يدي الله وفي نتائجه المتحركة بين الخير الذي يدفع بصاحبه إلى الجنة ، وبين الشرّ الذي يدفع بصاحبه إلى النار ... وهكذا كانت المفاجأة التي لم نحسب لها أيّ حساب ، ولم يكن لنا مجال للرجوع ، لأن الآخرة هي نهاية المطاف التي لا رجوع عنها.
* * *
الشفاعة لمن يرتضي الله
(فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ) لأن الشفاعة تخضع للقواعد التي يضعها الله للناس الذين يرتضي شفاعتهم ليكرمهم بذلك في الآخرة من خلال حكمته ، فلا تتحرك الشفاعة إلا في أجواء الإيمان بالله وبالرسل وبالآخرة بما يستتبعه ذلك من قواعد لضبط القول والعمل على خط المسؤولية ، فكيف ينتفع بها هؤلاء الذين لا يصلّون ولا يزكّون ولا يؤمنون بالآخرة ، ويتحركون في المواقف من دون قاعدة.
(فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ) ما هو السبب الذي يمنعهم من الإقبال على الحقائق الفكرية ، المتصلة بعقيدة التوحيد وباليوم الآخر ، من خلال الآيات القرآنية التي بلّغها الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لتفتح عقولهم على آفاق الحق ، ليتذكروا وليفكروا ، ليتعرفوا على عمق الفكر الذي يقودهم إلى سلامة المصير؟!
إنه السؤال الذي يطرح نفسه على كل واقع الغفلة المطبقة على عقول