أو أنه الرزق الذي جعلهم وكلاء عليه ، وأراد لهم أن يعطوه للسائل والمحروم ، فارتفعوا بذلك عن الحالة الضيّقة التي كانت تمنعهم من إعطاء الخير الذي أعطاهم الله إيّاه للناس الذين يحتاجون إليه ، (وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ) فيدفعهم ذلك إلى العمل من أجل الاستعداد له في الدنيا من أجل الحصول على الدرجات العليا فيه ، (وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ) أي خائفون حذرون ، فيتمثّل ذلك في دقة العمل الذي يعملونه حتى يكون مطابقا لرضى الله سبحانه ، ليكون ذلك هو الأساس للأمن من العذاب (إِنَّ عَذابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ) فقد يستسلم الإنسان للثقة بعمله ، فيخيّل إليه أنه على الحق ، ولكنه يتخبّط في الباطل ، فلا يدقّق في طبيعة العمل وفي خلفياته ونتائجه والشروط الإيمانية لسلامته في حركته نحو الهدف.
وهكذا يشعر المؤمن دائما بالخوف من الله ، والحذر من عقابه ، اتّهاما لنفسه التي يعمل دائما على أن لا يخرجها من حدّ التقصير في جنب الله.
(وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ) من العلاقات المحرّمة في ما يدخل في باب الزنى واللواط ونحوهما مما يمثل التعدي على حدود الله في العلاقات الجنسية التي حصرها الله بالزواج وملك اليمين ، (إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ) لأن هذا هو الحدّ الطبيعي الذي أباح الله للإنسان إرواء ظمئه الغريزي فيه ، وحرّم عليه ما عدا ذلك.
* * *
من هم العادون؟
(فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ) ، من الوسائل المحرّمة التي أشرنا إليها ، وفي الاستمناء الذي تصلح الآية دليلا عليه وعلى حرمة نكاح الحيوان ونحو ذلك ، (فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ) الذين تعدّوا حدود الله ، وابتعدوا عن دائرة مباحاته إلى