(وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ) أي لا أحتاج إلى القسم بها ، مع أنها في مستوى القسم من خلال قيمتها في ميزان حركة الوجود الإنسانية في ارتفاعه إلى الأعلى ، باعتبار أنها تعمل على تخفيف الأثقال الروحية والأخلاقية التي تشدّ الإنسان إلى الأسفل ، لينطلق من موقع إنسانيته في حالات الصفاء الروحي الذي ينفتح به على الله ، وبذلك كانت تمثل قمّة النموذج الإنساني في أصالة التجربة الحيّة الواعية في حركة الحياة في داخله.
* * *
ما هو مفهوم النفس اللوّامة؟
ولكن ما هو مفهوم النفس اللوّامة؟
قيل المراد به النفس الإنسانية التي تعمّ النفس المؤمنة الصالحة والكافرة الفاجرة فإنها تلوم الإنسان يوم القيامة ، أمّا الكافرة فعلى كفره وجحوده ، وأمّا المؤمنة فعلى قلة الطاعة وعدم الاستكثار من الخير.
وقيل : هي النفس المؤمنة التي تلوم نفسها في الدنيا وتحاسبها فتقول : ماذا فعلت؟ ولم قصّرت؟ فتكون مفكرة في العواقب أبدا ، والفاجرة لا تفكر في أمر الآخرة ولا تفكر في العواقب.
ولعل هذا هو الوجه الأقرب ، لأن مسألة اللوم في يوم القيامة ، لا تمثل أيّ تأثير على مستوى حركية الإنسان في الارتفاع بموقفه إلى الأعلى ، فلا تكوّن قيمة في المعنى الإنساني الكبير ، لأنها لا تمارس إلّا حالة طبيعية ناشئة من الاصطدام بالواقع على أساس الخسارة ، أو على مستوى الربح القليل الذي كان من الممكن أن يكون كثيرا ، كما كان من الممكن أن لا تكون هناك خسارة. أمّا اللوم الذي يتابع كل أفكار الإنسان وكل أقواله وأفعاله وعلاقاته