الرعب في النفوس ، بما توحى به من عناصر الخوف ، (تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ) فكأنها تتوجه إلى هؤلاء الذين تمردوا على الله وهم يقبلون عليها كما يتوجه الغاضب المتوتر الذي يكاد يتمزق ويتقطع قطعا من شدّة غيظه.
(كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ) من الكافرين الداخلين إليها عند ما يلقون فيها جماعات جماعات (سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها) توبيخا أو إقامة للحجة ، أو إيحاء بأنهم يستحقون ذلك ، لأن الله لم يظلمهم بعذابهم بالنار ، (أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ) يعرّفكم أوامر الله ونواهيه ، ويدعوكم إلى الطريق المستقيم الذي يؤدي بكم إلى الجنة ، ويحذركم من الكفر والشرك الذي يؤدّي بكم إلى النار.
(قالُوا بَلى قَدْ جاءَنا نَذِيرٌ) تمثل برسل الله وبالدعاة إليه من بعدهم ، ولكننا رفضناهم وواجهناهم بطريقة اللامبالاة ، فامتنعنا عن الاستماع إليهم والتفكير بدعواتهم والدخول في الحوار معهم ، (فَكَذَّبْنا وَقُلْنا ما نَزَّلَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ) من دون أية حجة على النفي ، وتابعنا الحملة عليهم بطريقة السباب وقلنا لهم : (إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ) فاتّهمناهم بما نحن متصفون به ، لأننا كنا نعيش الضياع بسبب الجهل الذي تخبطنا فيه.
* * *
المعرضون عن دعوات الرسل في أصحاب السعير
ثم رجعوا إلى أنفسهم وهم في حالة إحباط وسقوط وشعور بالحسرة والندامة والخزي والعار ، ليواجهوا الحقيقة المرّة التي لم يدركوها إلا بعد فوات الأوان ، وهي أن المشكلة كل المشكلة لدى الكفار ، تتمحور حول عدم توجيه أسماعهم إلى دعوات الرسل ، ليعرفوا ما تحتويه من أفكار الهدى ، ولم