في أجواء السورة
وهذه السورة من السور المكية التي كانت تعالج مسألة الإيمان في المجتمع الجاهلي الذي استغرق في الجانب المادي حتى حوّل المادة إلى إله ، وعدّد نماذجها ليعدّد الآلهة من خلال ذلك ، وأغلق كل نوافذ النفس عن مشارق النور ، فلم يسمح لعلامات الاستفهام أن تتحرك لمواجهة الحقيقة ، ولم يوح للفكر بأيّة فرصة لنقد الواقع الذاتي والموضوعي ، فلا انفتح على أفكار القيامة في اليوم الآخر ، ولا على النفس الإنسانية في نوازعها وهواجسها. إن هذه السورة التي نبّهت الإنسان إلى يوم القيامة ، طافت به في آفاق وجوده منذ أن كان نطفة حتى تحوّل إلى إنسان ينقسم في نوعيته إلى الذكر والأنثى ، ليؤكد له جدّية خلقه ، فلا يمكن لله أن يتركه سدى ، بل حمّله المسؤولية من خلال الكتاب الذي أنزله على رسله ، ومنه القرآن الذي أشارت السورة إلى أن الله يتكفل بجمعه وقرآنه ، ويسهّل على الناس معرفته وبيانه ، إذ ليس هناك مشكلة من هذه الجهة. ثم تثير السورة مسألة قدرة الله على إحياء الموتى من خلال قدرته على تنمية الحياة ، فالنطفة تتطور إلى علقة فإلى خلق سويّ ، وقدرته على