صحت الرواية ـ نقلا لكلام الله الذي أراد أن يوبّخه به.
* * *
أيحسب الإنسان أن يترك سدى؟
ثم تلتفت السورة إلى مثل هذا الإنسان في كل نماذجه لتواجهه بالصدمة القويّة التي تهز وجدانه هزّا عنيفا ، ليثوب إلى رشده ويرجع إلى عقله ، وليخرج من هذه الغفلة المطبقة على كل شعوره.
(أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً) من دون عقيدة شاملة تخطط له منهج حياته ، ومن دون شريعة تحدد له طبيعة خطواته ، ومن دون غاية كبيرة توجّه خط سيره ، وإذا كان الأمر كذلك ، فكيف تكون حكمة الله في الخلق ، وكيف يمكن للحياة أن تختزل بمجرد أناس يولدون ثم يموتون ، ثم لا شيء في ذلك أو في ما وراء ذلك ، من مسئولية الحركة في الحياة ، ومن نتائج المسؤولية بعدها ... وهل يعني هذا إلا العبث الذي يعبر عن اللّامعنى ، ليكون الإنسان كمية مهملة فلا هدف له في حياته ، ولا خط له في حركته ، ولا مسئولية له في كل أوضاعه ، وعندها ، ما الفرق بينه وبين الحيوان؟ إنّ طبيعة الأجهزة التي أودعها الله في وجوده ، لا سيما قوّة العقل والإدراك الذي يربط فيه بين الأشياء وصولا للوقوف على القوانين والسنن الإلهية التي تنظمها وتوحد فيما بينها ، ثم في اكتشاف الخط الواحد الذي يربط بين الناس في خطواتهم العملية في الحياة ، لتكون كل خطوة حركة في اتجاه الغاية الواحدة ، وليكون لكل حركة موقع معيّن في حركة الحياة الممتدة في العمر الطويل والقصير ، وليكون ذلك كله نتيجة عميقة ممتدة في نهاية المطاف.
إن دراسة الإنسان لطريقة وجوده في نشأته الأولى الخاضعة للتخطيط الإلهيّ الدقيق في حركة الوجود ، يدلّ على أن الله لا يترك الإنسان مهملا ، لأن الإهمال يتنافى مع سرّ الحكمة في ذلك.
* * *