(فِجاجاً) : جمع فجّ ، بمعنى الطريق الواسعة ، وقيل : الطريق الواقعة بين جبلين.
* * *
نوح يحثّ قومه على التفكّر
ويتابع نوح حديثه مع قومه ، فيوجههم إلى التفكير في السماء وفي القمر والشمس ، وفي حياة الإنسان على الأرض ، وفي عودته إليها وخروجه منها ، وفي الأرض التي مهّدها ليسهّل على الإنسان سكناها ، وشقّ فيها السبل ليسهل عليه سلوكها ، ليزيد بذلك معرفتهم الكونيّة التي تفتح لهم آفاق المعرفة الإلهية في ما تؤدي إليه من الإيمان بالله والخضوع له.
(أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللهُ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً) قد لا يراد من الرؤية هنا ما يصل إليه الإنسان بنفسه من طريق الحسّ أو من طريق العقل ، لأن ذلك لم يكن متوفرا لهؤلاء أو لمن بعدهم في تعدّد السماوات وفي تحديد عددها ، بل ربما يكون المراد تقرير هذه الحقيقة بالإيحاء بثباتها ووضوحها كما لو كانت شيئا حسنا ، في ما هو وضوح الرؤية الحسيّة ، أو كما لو كانت شيئا عقليا قاطعا في ما هي المعرفة العقلية الواضحة.
(وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً) هادئا يختلط فيه الظلام من دون أن يثير في الأجواء عتمته ، ويبعث الحذر الوديع في المشاعر المتوترة ، ويثير الأحاسيس الحميمة بحبات النور الذي ينساب في الكيان حتى يحوّله إلى أحلام حلوة ساهمة ، (وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً) يبعث الدفء والإشراق في الكون ، وينفذ إلى كل موجود حيّ ليمنحه حرارة الحياة حتى لا يتعفّن في داخله أخلاطها من