تنفذ إلى العمق في وسائل المعرفة. وهذا هو أساس الإيمان بالغيب في مصادره العقلية ، وفي مصادر الوحي الذي أكد العقل وجوده ، في تأملاته للحالة التي يعيشها الرسول في ما يثبت رسالته.
* * *
في الجن صالحون وطالحون
ثم يتابع هؤلاء النفر من الجن الحديث عن طبيعة مجتمعهم من حيث الانتماء ، فهناك الذين يندفعون إلى الإيمان من موقع القناعة المطمئنة المنفتحة على الحقيقة المتصلة بالله ، وهناك الذين يبتعدون عن الحقيقة ، ويتّبعون الهوى ، ويستغرقون في ملذاتهم وشهواتهم ، فينحرفون عن خط الإيمان ، ويسيرون مع الكفر والشرك في حياتهم ، كأيّ مجتمع آخر.
(وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ) الذين عاشوا الصلاح فكرا وسلوكا من خلال القاعدة الإيمانية التي أدركوا ثباتها على صعيد الحقيقة ، فتحركوا من خلالها ليكون كل قول أو فعل أو علاقة مرتبطا بها ومشدودا إليها ، ومتفرعا عنها.
(وَمِنَّا دُونَ ذلِكَ) ممن لم يلتزموا الصلاح كقاعدة للحياة ، بل انطلقوا في خط الانحراف تماما كما هم الإنس الذين يختلفون في الخطوط العقيدية والعملية.
(كُنَّا طَرائِقَ قِدَداً) أي طرقا مختلفة مقطّعة ، أي مذاهب مختلفة. وقد لا يكون من الضروري أن يكون هؤلاء الصالحون من الذين آمنوا بالرسول ، فكان صلاحهم من خلال ذلك ، فربما كانوا منفتحين على الصلاح قبل ذلك ، لأن هؤلاء النفر الذين استمعوا إلى القرآن كانوا يتحدثون عن واقع المجتمع في