الْمَساقُ) حيث يسوقه ملك الموت إلى ربه ليواجه أعماله.
* * *
المستكبر وإعراضه عن الحق
(فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى) فلم يكن منفتحا على التصديق بكتاب الله ولا برسله ، ولم يقف بين يدي ربّه ليصلّي في خشوع العبد لمولاه وعروجه الروحي إلى الله ، بل أعرض عن ذلك ، (وَلكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى) في إنكاره للتوحيد وللرسالة ولليوم الآخر ، وإعراضه عن حركة الإيمان في خط المسؤولية ، (ثُمَّ ذَهَبَ إِلى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى) والتمطي هو تمدّد البدن من الكسل ، وهو كناية عن الاختيال والتبختر والاستكبار. وقيل : إن هذه الآية نزلت في أبي جهل الذي كان يذهب إلى مجلس النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ويستمع إلى القرآن ، ثم يعود متبخترا في مشيته (١). فإذا صحّت هذه الرواية كان الحديث عنه من خلال ما يمثله من نموذج الإنسان المستكبر الذي يمنعه استكباره عن قبول الحق وعن الخضوع لالتزاماته الفكرية والعملية.
(أَوْلى لَكَ فَأَوْلى * ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى) قيل : إن هذه الكلمة كلمة تهديد ووعيد. وفي بعض الروايات ، إن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أخذ بيد أبي جهل ، ثم قال له : (أَوْلى لَكَ فَأَوْلى * ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى) قال أبو جهل : بأي شيء تهددني لا تستطيع أنت ولا ربك أن تفعلا بي شيئا ، وإني لأعز أهل هذا الوادي (٢).
وقد يكون الكلام من الله ليكون التهديد صادرا منه ليردّ على خيلائه وكبريائه بالوعيد الذي يحتقر شخصيته ليقال له : إنك الأجدر والأولى بالعذاب الذي يسحقك بالذل الذي لا ذل مثله ، وقد يكون كلام النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم له ـ إذا
__________________
(١) انظر مجمع البيان ، ج : ١٠ ، ص : ٦٠٦ ، والدر المنثور ، ج : ٨ ، ص : ٣٦٣.
(٢) انظر : مجمع البيان ، ج : ١٠ ، ص : ٦٠٦.