فإنها لا تختص بهم في الإيحاء الأخلاقي العام للشخصية المسلمة التي تقدّم النموذج القدوة ، بل تنطلق لتتحرك في الخط الأخلاقي في كل زمان ومكان.
* * *
أجر العاملين لوجه الله يوم القيامة
(فَوَقاهُمُ اللهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ) أي حفظهم من كل أهوال يوم القيامة وعذاباته ، (وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً) فاستقبلهم بكل الحيوية الروحية التي تمنح وجوههم النضارة ، وقلوبهم الفرح والسرور ، في ما كانوا يتطلعون إليه من مشاهد النعيم ، (وَجَزاهُمْ بِما صَبَرُوا) بعد ما عانوه من الشدائد والآلام والمحن التي تحملوها بفعل مواقفهم الثابتة الصعبة في مواجهة التحديات المفروضة عليهم من الكفر والطغيان ، فتحملوا ذلك بالصبر الواعي المنفتح على الله ، صبر الإنسان الذي يعيش الفرح الروحي ، لأنه يتحمل ذلك بعين الله ، فكان جزاؤهم (جَنَّةً) تكفل لهم كل ألوان النعيم ، وتمنحهم كل أجواء السعادة ، وتطوف بهم في كل ما يشتهون ، (وَحَرِيراً) من اللباس الذي يوحي بمنتهى الرّقة والنعومة والجمال ، أو من الفراش الذي يتقلبون فيه وينامون عليه ، كعنوان للحياة الناعمة الرضيّة التي تقدّم إليهم في الجنة.
(مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ) وهي الأسرّة ، أو الفرش فوق الأسرّة أو كل ما يتّكأ عليه ، مما يولد حالة من الاسترخاء المعبّر عن السعادة الروحية والراحة النفسية ، (لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً) فليس هناك ما يتأذون بحرّه أو ببرده ، بل هو الجوّ المعتدل الذي لا يثير إلا الرضى والانتعاض والطمأنينة الروحية والجسدية.